كتاب الكوكب الوهاج شرح صحيح مسلم بن الحجاج (اسم الجزء: 19)

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
الإسلام واجتماع النَّاس كلهم على كل واحد منهم ويؤيد هذا ما وقع في رواية أبي داود كلهم تجتمع عليه الأمة اهـ من النووي والأبي وهذا الحديث حديث عده بعض العلماء من المشكلات لعدم تعين مصداقه فاختلف في تفسيره أقوال الشراح وإليكم خلاصة ما قالوا والتفسير الذي رجحه الحافظ في الفتح [١٣/ ٢١٠] بعد كلام طويل هو ما ذكره بقوله وينتظم من مجموع ما ذكره ابن الجوزي والقاضي عياض أوجه أرجحها الثالث من أوجه القاضي وهو أن المراد أن يكون الاثنا عشر في مدة عزة الخلافة وقوة الإسلام واستقامة أموره والاجتماع على من يقول بالخلافة لتأييده بقوله في بعض طرق الحديث الصحيحة كلهم يجتمع عليه النَّاس وإيضاح ذلك أن المراد بالاجتماع انقيادهم لبيعته والذي وقع أن الناس اجتمعوا على أبي بكر ثم عمر ثم عثمان ثم علي إلى أن وقع أمر الحكمين في صفين فسمي معاوية يومئذٍ بالخليفة ثم اجتمع النَّاس على معاوية عند صلح الحسن ثم اجتمعوا على ولده يزيد ولم ينتظم للحسين أمر بل قتل قبل ذلك ثم لما مات يزيد وقع الاختلاف إلى أن اجتمعوا على عبد الملك بن مروان بعد قتل ابن الزُّبير ثم اجتمعوا على أولاده الأربعة الوليد ثم سليمان ثم يزيد ثم هشام وتخلل بين سليمان ويزيد عمر بن عبد العزيز فهؤلاء سبعة بعد الخلفاء الراشدين والثَّاني عشر هو الوليد بن يزيد بن عبد الملك اجتمع النَّاس عليه لما مات عمه هشام فولي نحو أربع سنين ثم قاموا عليها فقتلوه وانتشرت الفتن وتغيرت الأحوال من يومئذٍ ولم يتفق أن يجتمع النَّاس على خليفة بعد ذلك لأنَّ يزيد بن الوليد الذي قام على ابن عمه الوليد بن يزيد لم تطل مدته بل ثار عليه قبل أن يموت ابن عم أبيه مروان بن محمَّد بن مروان ولما مات يزيد ولي أخوه إبراهيم فغلبه مروان (يعني الحمار) ثم ثار على مروان بنو العباس إلى أن قتل ثم كان أول خلفاء بني العباس أبو العباس السفاح ولم تطل مدته مع كثرة من ثار عليه ثم ولي أخوه المنصور فطالت مدته لكن خرج عنهم المغرب الأقصى باستيلاء المروانيين على الأندلس واستمرت في أيديهم متغلبين عليها إلى أن تسموا بالخلافة بعد ذلك وانفرط الأمر في جميع أقطار الأرض إلى أن لم يبق من الخلافة إلَّا الاسم في بعض البلاد بعد أن كانوا في أيَّام بني عبد الملك بن مروان يخطب للخليفة في جميع أقطار الأرض شرقًا وغربًا وشمالًا ويمينًا مما غلب عليه المسلمون ولا يتولى أحد في بلد من البلاد كلها الإمارة على شيء منها إلَّا بأمر الخليفة ومن نظر في أخبارهم عرف صحة ذلك فعلى هذا

الصفحة 439