كتاب الكوكب الوهاج شرح صحيح مسلم بن الحجاج (اسم الجزء: 19)

قَال: فَضَالَّةُ الْغَنَمِ؟ قَال: "لَكَ أَوْ لأَخِيكَ أَوْ لِلذِّئْبِ"
ــ
وشرب وبيع وهدية وغير ذلك بعد قصد تملكها وقال ابن الأثير في النهاية: ويجوز رفعه والخبر محذوف تقديره أي فتصرفك بما شئت مباح أو جائز على أن لا ينقطع حق صاحبها عنها متى جاء وبهذا استدل الشافعية والحنابلة على أن الملتقط إذا لم يجد صاحبها بعد التعريف ملك اللقطة وحل له الانتفاع بها سواء كان غنيًّا أو فقيرًا فإن جاء صاحبها بعد التملك وجب أن يردها إليه إن كانت باقية أو بدلها إن كانت مستهلكة وهو قول إسحاق وابن المنذر والشعبي والنخعي وطاوس وعكرمة ورُوي ذلك عن عمر. وابن مسعود وعائشة وعلي وابن عباس رضي الله عنهم كما في المغني لابن قدامة [٦/ ٣٢٦] وقال أبو حنيفة رحمه الله: إنما يجوز الانتفاع للملتقط إذا كان فقيرًا وأما الغني فيتصدق به فإن جاءه صاحبها بعد ذلك خيره بين أجر الصدقة والغرم فإن غرم بها انتقل أجر الصدقة إلى الملتقط وهو مذهب الثوري والحسن بن صالح ورواية عن أحمد كما في المغني وأما الإمام مالك فقد رويت عنه روايتان كالمذهبين والمذكور في كتبهم أن الملتقط بعد التعريف بين خيارات ثلاثة إما أن يمسكها لصاحبها أمانة وإما أن يتصدق بها وإما أن يتملكها وعلى تقدير التصدق والتملك يضمن لصاحبها إن أتاه بعد ذلك راجع التاج والإكليل للمواق ومواهب الجليل للحطاب [٦/ ٧٤].
(قال) الرجل السائل (فضالة الغنم) أي ضائعتها ما حكمها يا رسول الله فحذف ذلك للعلم به وقال العلماء الضالة لا تقع إلَّا على الحيوان وما سواه يقال له لقطة ويقال للضوال أيضًا الهوامي والهوافي بالميم والفاء والهوامل كذا في فتح الباري [٥/ ٨٢] قال الفيومي الأصل في الضلال الغيبة ومنه قيل للحيوان الضائع ضالة بالهاء الذكر والأنثى والجمع ضوال مثل دابة ودواب ويقال لغير الحيوان ضائع ولقطة اهـ (قال) رسول الله صلى الله عليه وسلم في جواب السائل: هي (لك) إن أخذتها (أو لأخيك) ممن التقطها إن تركتها (أو للذئب) يأكلها إن لم تلتقطها أنت ولا أخوك وهذا ندب إلى أخذ ضالة الغنم صيانة لها عن الضياع أي لك أخذها وإن لم تأخذها أنت يأخذها غيرك أو يأخذها الذئب قال النووي ثم إذا أخذها وعرفها سنة وأكلها ثم جاء صاحبها لزمته غرامتها عندنا وعند أبي حنيفة اهـ.
قال الحافظ في الفتح قوله (أو لأخيك أو للذئب) فيه إشارة إلى جواز أخذها كأنه قال هي ضيعة لعدم الاستقلال معرضة للهلاك مترددة بين أن تأخذها أنت أو أخوك

الصفحة 53