كتاب العقيدة في الله

الطبيعة قوة:
فإن وجد من يقول: إن الطبيعة قوة أوجدت الكون، وإنها قوة حيّة سميعة بصيرة حكيمة قادرة ... فإنّنا نقول لهم: هذا صواب وحقّ، وخطؤكم أنكم سمّيتم هذه القوة (الطبيعة) ، وقد دلتنا هذه القوة المبدعة الخالقة، على الاسم الذي تستحقه وهو (الله) ، الله عرّفنا بأسمائه الحسنى وصفاته العليا، فعلينا أن نسميه بما سمّى به نفسه سبحانه وتعالى.
كذلك قال الذين من قبلهم مثل قولهم:
هؤلاء الذين نسبوا الخلق إلى الطبيعة لهم سلف قالوا قريباً من قولهم، وهم الدهرية الذين نسبوا الأحداث إلى الدهر، فقد شاهدوا أنّ الصغير يكبر، والكبير يهرم، والهرِم يموت بمرور الزمان، وتعاقب الليل والنهار، فنسبوا الحياة والموت إلى الدهر (وقالوا ما هي إلا حياتنا الدنيا نموت ونحيا وما يهلكنا إلا الدهر وما لهم بذلك من علمٍ إن هم إلا يظنون) [الجاثية: 24] .
أولئك نسبوا الأحداث إلى الزمان، وهؤلاء إلى ذوات الأشياء فهما صنوان في الضلال.
الرد على شبهات الملحدين في نشأة الكون (دارون)
3- نظرية دارون (¬1)
حاول أصحاب هذه النظرية أن يعللوا بها وجود الأحياء، وقد شاعت هذه النظرية، وعمل كثيرون على نشرها بحسن نية، لظنّهم أنّها حقيقة علمية، وعمل آخرون على نشرها بسوء نية، لأنّها وافقت أهواءهم، فهي تكذب بالأديان التي وصفت خلق الإنسان، وبذلك يجد الطاعنون في الدِّين دليلاً من العلم يرتكزون عليه، ويدلِّسون على النَّاس به.
¬_________
(¬1) كتاب التوحيد، للزنداني: 3/81.

الصفحة 83