كتاب العقيدة في الله

فالعلم كل يوم إلى ازدياد، وإذا كانت الخنوثة من صفات الكائنات الأولية الدنيا، والزوجية من خصائص الكائنات الراقية، فإنّ الثدي من أمارات الأنوثة، ونجد الفيل الذكر له ثدي كما للإنسان، في حين ذكور ذوات الحافر كالحصان والحمار لا ثدي لها إلا ما يشبه أمهاتها. فكيف بقي أثر الخنوثة في الإنسان، ولم يبق فيما هو أدنى منه؟ مع أنّ (دارون) يزعم أنّ الإنسان تطوّر مما هو أدنى منه.
تفنيد شرح دارون لعملية التطور:
1- يقول ((دارون)) : إنّ هناك ناموساً أو قانوناً يعمل على إفناء الكائنات الحية، فلا يبقى إلا الأصلح الذي يورث صفاته لأبنائه، فتتراكم الصفات القوية حتى تكون حيواناً جديداً، حقاً هناك نظام وناموس وقانون يعمل على إهلاك الكائنات الحية جميعها قويها وضعيفها، لأنّ الله قدّر الموت على كلّ حي؛ إلا أنّ نظاماً وناموساً يعمل بمقابلة هذا النظام، ذلك هو قانون التكافل على الحياة بين البيئة والكائن، لأنّ الله قدّر الحياة فهيّأ أسبابها، فنجد الشمس والبحار والرياح والأمطار والنباتات والجاذبية، كلّ هذه وغيرها تتعاون للإبقاء على حياة الإنسان وغيره من الحيوانات.
فالنَّظر إلى عوامل الفناء وغض النظر عن عوامل البقاء يُحدث خللاً في التفكير، فإذا كان هناك سنة للهلاك، فهناك سنة للحياة، ولكلٍ دورٌ في الحياة، وإذا كانت الظروف الطبيعية: من رياح ورعد وحرارة وماء وعواصف وغيرها قادرة على تشويه الخلق أو تدمير صنعه كطمس عين أو تهديهم بناء، فإنّه من غير المعقول أن تقدر هذه الظروف الطبيعية الميتة الجامدة والبليدة أن تنشئ عيناً، لمن لا يملك عيناً، أو تصلح بناء فيه نقص.
إنَّ العقل يقبل أن تكون الظروف الطبيعية صالحة لإحداث الخراب والهلاك، لكنَّه من غير المعقول أن تكون هذه الظروف صالحة لتفسير الخلق البديع والتصوير والتكوين المنظم المتقن، إن أي عضو من أعضاء الكائنات الحية قد رُسم بإتقان، وكوّن بنظام، ورتبت أجزاؤه بحكمة بالغة محيّرة، ونسق عمله مع غيره في غاية الإبداع، ومن المحال أن ينسب ذلك الإتقان

الصفحة 87