كتاب الإصابة في تمييز الصحابة (ط الهند) (اسم الجزء: 1)

<4> القسم الثالث فيمن ذكر في الكتب المذكورة من المخضرمين الذين أدركوا الجاهلية والإسلام ولم يرد في خبر قط أنهم اجتمعوا بالنبي صلى الله عليه وسلم ولا رأوه سواء أسلموا في حياته أم لا وهؤلاء ليسوا أصحابه باتفاق أهل العلم بالحديث وإن كان بعضهم قد ذكر بعضهم في كتب معرفة الصحابة فقد أفصحوا بأنهم لم يذكروهم إلا بمقاربتهم لتلك الطبقة لا أنهم من أهلها وممن أفصح بذلك ابن عبد البر وقبله أبو حفص بن شاهين فاعتذر عن إخراجه ترجمة النجاشي بأنه صدق النبي صلى الله عليه وسلم في حياته وغير ذلك ولو كان من هذا سبيله يدخل عنده في الصحابة ما احتاج إلى اعتذار وغلط من جزم في نقله عن ابن عبد البر بأنه يقول بأنهم صحابة بل مراد ابن عبد البر بذكرهم واضح في مقدمة كتابه بنحو مما قررناه وأحاديث هؤلاء عن النبي صلى الله عليه وسلم مرسلة بالاتفاق بين أهل العلم بالحديث وقد صرح ابن عبد البر نفسه بذلك في التمهيد وغيره من كتبه القسم الرابع فيمن ذكر في الكتب المذكورة على سبيل الوهم والغلط وبيان ذلك البيان الظاهر الذي يعول عليه على طرائق أهل الحديث ولم أذكر فيه إلا ما كان الوهم فيه بينا وأما مع احتمال عدم الوهم فلا إلا إن كان ذلك الاحتمال يغلب على الظن بطلانه وهذا القسم الرابع لا أعلم من سبقني إليه ولا من حام طائر فكره عليه وهو الضالة المطلوبة في هذا الباب الزاهر وزبدة ما يمخضه من هذا الفن اللبيب الماهر والله تعالى أسأل أن يعين على إكماله وأن يجعله خالصا لوجهه الكريم ويجازيني به خير الجزاء في دار إفضاله إنه قريب مجيب وقبل الشروع في الأقسام المذكورة أذكر فصولا مهمة يحتاج إليها في هذا النوع الفصل الأول في تعريف الصحابي وأصح ما وقفت عليه من ذلك أن الصحابي من لقي النبي صلى الله عليه وسلم مؤمنا به ومات على الإسلام فيدخل فيمن لقيه من طالت مجالسته له أو قصرت ومن روى عنه أو لم يرو ومن غزا معه أو لم يغز ومن رآه رؤية ولو لم يجالسه ومن لم يره لعارض كالعمى ويخرج بقيد الإيمان من لقيه كافرا ولو أسلم بعد ذلك إذا لم يجتمع به مرة أخرى وقولنا به يخرج من لقيه مؤمنا بغيره كمن لقيه من مؤمني أهل الكتاب قبل البعثة وهل يدخل من لقيه منهم وآمن بأنه سيبعث أو لا يدخل محل احتمال ومن هؤلاء بحيرا الراهب ونظراؤه ويدخل في قولنا مؤمنا به كل مكلف من الجن والإنس فحينئذ يتعين ذكر من حفظ ذكره من الجن الذين آمنوا به بالشرط المذكور وأما إنكار ابن الأثير على أبي موسى تخريجه لبعض الجن الذين عرفوا في كتاب الصحابة فليس بمنكر لما ذكرته وقد قال ابن حزم في كتاب الأقضية من المحلى من ادعى الإجماع فقد كذب على الأمة فإن الله تعالى قد أعلمنا أن نفرا من الجن آمنوا وسمعوا القرآن من النبي صلى الله عليه وسلم فهم صحابة فضلاء فمن أين للمدعي إجماع أولئك وهذا الذي ذكره في مسألة الإجماع لا نوافقه عليه وإنما أردت نقل كلامه في كونهم صحابة وهل تدخل الملائكة محل نظر قد قال §

الصفحة 4