كتاب الإصابة في تمييز الصحابة (ط الهند) (اسم الجزء: 1)

<5> بعضهم إن ذلك ينبني على أنه هل كان مبعوثا إليهم أو لا وقد نقل الإمام فخر الدين في أسرار التنزيل الإجماع على أنه صلى الله عليه وسلم لم يكن مرسلا إلى الملائكة ونوزع في هذا النقل بل رجح الشيخ تقي الدين السبكي أنه كان مرسلا إليهم واحتج بأشياء يطول شرحها وفي صحة بناء هذه المسألة على هذا الأصل نظر لا يخفى وخرج بقولنا ومات على الإسلام من لقيه مؤمنا به ثم ارتد ومات على ردته والعياذ بالله وقد وجد من ذلك عدد يسير كعبيد الله بن جحش الذي كان زوج أم حبيبة فإنه أسلم معها وهاجر إلى الحبشة فتنصر هو ومات على نصرانيته وكعبد الله بن خطل الذي قتل وهو متعلق بأستار الكعبة وكربيعة بن أمية ابن خلف على ما سأشرح خبره في ترجمته في القسم الرابع من حرف الراء ويدخل فيه من ارتد وعاد إلى الإسلام قبل أن يموت سواء اجتمع به صلى الله عليه وسلم مرة أخرى أم لا وهذا هو الصحيح المعتمد والشق الأول لا خلاف في دخوله وأبدى بعضهم في الشق الثاني احتمالا وهو مردود لإطباق أهل الحديث على عد الأشعث بن قيس في الصحابة وعلى تخريج أحاديثه في الصحاح والمسانيد وهو ممن ارتد ثم عاد إلى الإسلام في خلافة أبي بكر وهذا التعريف مبني على الأصح المختار عند المحققين كالبخاري وشيخه أحمد ابن حنبل ومن تبعهما ووراء ذلك أقوال أخرى شاذة كقول من قال لا يعد صحابيا إلا من وصف بأحد أوصاف أربعة من طالت مجالسته أو حفظت روايته أو ضبط أنه غزا معه أو استشهد بين يديه وكذا من اشترط في صحة الصحبة بلوغ الحلم أو المجالسة ولو قصرت وأطلق جماعة أن من رأى النبي صلى الله عليه وسلم فهو صحابي وهو محمول على من بلغ سن التمييز إذ من لم يميز لا تصح نسبة الرؤية إليه نعم يصدق إن النبي صلى الله عليه وسلم رآه فيكون صحابيا من هذه الحيثية ومن حيث الرواية يكون تابعيا وهل يدخل من رآه ميتا قبل أن يدفن كما وقع ذلك لأبي ذؤيب الهذلي الشاعر إن صح محل نظر والراجح عدم الدخول ومما جاء عن الأئمة من الأقوال المجملة في الصفة التي يعرف بها كون الرجل صحابيا وإن لم يرد التنصيص على ذلك ما أورده ابن أبي شيبة في مصنفه من طريق لا بأس به أنهم كانوا في الفتوح لا يؤمرون إلا الصحابة وقول ابن عبد البر لم يبق بمكة ولا الطائف أحد في سنة عشر إلا أسلم وشهد مع النبي صلى الله عليه وسلم حجة الوداع ومثل ذلك قول بعضهم في الأوس والخزرج إنه لم يبق منهم في آخر عهد النبي صلى الله عليه وسلم إلا من دخل في الإسلام وما مات النبي صلى الله عليه وسلم وأحد منهم يظهر الكفر والله أعلم الفصل الثاني في الطريق إلى معرفة كون الشخص صحابيا وذلك بأشياء أولها أن يثبت بطريق التواتر أنه صحابي ثم بالاستفاضة والشهرة ثم بأن يروى عن آحاد من الصحابة أن فلانا له صحبة مثلا وكذا عن آحاد التابعين بناء على قبول التزكية من واحد وهو الراجح ثم بأن يقول §

الصفحة 5