كتاب الإصابة في تمييز الصحابة (ط الهند) (اسم الجزء: 1)

<6> هو إذا كان ثابت العدالة والمعاصرة أنا صحابي أما الشرط الأول وهو العدالة فجزم به الآمدي وغيره لأن قوله قبل أن تثبت عدالته أنا صحابي أو ما يقوم مقام ذلك يلزم من قبو قوله إثبات عدالته لأن الصحابة كلهم عدول فيصير بمنزلة قول القائل أنا عدل وذلك لا يقبل وأما الشرط الثاني وهو المعاصرة فيعتبر بمضي مائة سنة وعشر سنين من هجرة النبي صلى الله عليه وسلم لقوله صلى الله عليه وسلم في آخر عمره لأصحابه أرأيتكم ليلتكم هذه فإن على رأس مائة سنة منها لا يبقى على وجه الأرض ممن هو اليوم عليها أحد رواه البخاري ومسلم من حديث ابن عمر زاد مسلم من حديث جابر أن ذلك كان قبل موته صلى الله عليه وسلم بشهر ولفظه سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول قبل أن يموت بشهر أقسم بالله ما على الأرض من نفس منفوسة اليوم يأتي عليها مائة سنة وهي حية يومئذ ولهذه النكتة لم يصدق الأئمة أحدا ادعى الصحبة بعد الغاية المذكورة وقد ادعاها جماعة فكذبوا وكان آخرهم رتن الهندي على ما سنذكر تراجمهم كلهم في القسم الرابع لأن الظاهر كذبهم في دعواهم على ما قررته ثم من لم يعرف حاله إلا من جهة نفسه فمقتضى كلام الآمدي الذي سبق ومن تبعه ألا تثبت صحبته ونقل أبو الحسن بن القطان فيه الخلاف ورجح عدم الثبوت وأما ابن عبد البر فجزم بالقبول بناء على أن الظاهر سلامته من الجرح وقوى ذلك بتصرف أئمة الحديث في تخريجهم أحاديث هذا الضرب في مسانيدهم ولا ريب في انحطاط رتبة من هذا سبيله عمن مضى ومن صور هذا الضرب أن يقول التابعي أخبرني فلان مثلا أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول سواء أسماه أم لا أما إذا قال أخبرني رجل مثلا عن النبي صلى الله عليه وسلم بكذا فثبوت الصحبة بذلك بعيد لاحتمال الإرسال ويحتمل التفرقة بين أن يكون القائل من كبار التابعين فيرجح القبول أو صغارهم فيرجح الرد ومع ذلك فلم يتوقف من صنف في الصحابة في إخراج من هذا سبيله في كتبهم والله أعلم ضابط يستفاد من معرفته صحبة جمع كثير يكتفى فيهم بوصف يتضمن أنهم صحابة وهو مأخوذ من ثلاثة آثار الأول أخرج ابن أبي شيبة من طريق قال كانوا لا يؤمرون في المغازي إلا الصحابة فمن تتبع الأخبار الواردة في الردة والفتوح وجد من ذلك شيئا كثيرا وهم من القسم الأول الثاني أخرج الحاكم من حديث عبد الرحمن بن عوف قال كان لا يولد لأحد مولود إلا أتى به النبي صلى الله عليه وسلم فدعا له وهذا يؤخذ منه شيء كثير أيضا وهم من القسم الثاني الثالث وأخرج ابن عبد البر من طريق قال لم يبق بمكة والطائف أحد في سنة عشر إلا أسلم وشهد حجة الوداع هذا وهم في نفس الأمر عدد لا يحصون لكن يعرف الواحد منهم بوجود ما يقتضي أنه كان في ذلك الوقت موجودا فيلحق بالقسم الأول أو الثاني لحصول رؤيتهم بالنبي صلى الله عليه وسلم وإن لم يرهم هو والله أعلم الفصل الثالث في بيان حال الصحابة من العدالة اتفق أهل السنة على أن الجميع عدول ولم يخالف في ذلك إلا شذوذ من المبتدعة وقد ذكر الخطيب §

الصفحة 6