كتاب إعلام الموقعين عن رب العالمين - ت مشهور (اسم الجزء: 2)
رآه المؤمنون حسنًا فهو عند اللَّه حسن، وما رآه المؤمنون قبيحًا فهو عند اللَّه قبيح (١).
وقال ابن وهب عن ابن لَهِيعة: إن عمر بن عبد العزيز استعمل عُرْوَة بن محمد السَّعْدي على اليمن، وكان من صالحي عُمَّال عمر، وإنه كتب إلى عمر يسأله عن شيء من أمر القضاء، فكتب إليه عمر: لَعَمْرِي، ما أنا بالنشيط على الفتيا وما وجدت منها بُدًّا، وما جعلتك إلا لتكفيني، وقد حَمَّلتك ذلك، فاقض فيه برأيك (٢).
[و] (٣) قال محمد بن سعد: أخبرني رَوْح بن عُبادة: ثنا حماد بن سلمة، عن الجُرَيْري أن أبا سلمة بن عبد الرحمن قال للحسن: أرأيت ما تُفْتِي به الناس، أشيء سمعته أم برأيك؟ فقال الحسن: لا واللَّه ما كُلُّ ما نفتي به سمعناه، ولكنْ رأيُنَا لهم خير من رأيهم لأنفسهم (٤).
وقال محمد بن الحسن: مَنْ كان عالمًا بالكتاب والسنة وبقول أصحاب رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- وبما استحسن فقهاء المسلمين وَسِعَهُ أن يجتهد رأيه فيما يُبتلى به، ويقضي به، ويمضيه في صلاته وصيامه وحجِّه وجميع ما أُمِرَ به ونُهي عنه، فإذا
---------------
(١) أخرجه الطيالسي في "المسند" (رقم ٢٤٦)، وأحمد في "المسند" (رقم ٣٦٠٠ - ط شاكر) والطبراني في "الكبير" (٩/ ١٨ رقم ٨٥٨٢، ٨٥٨٣، ٨٥٩٣)، والبزار في "مسنده" (رقم ١٣٠ - زوائده)، والحاكم في "المستدرك" (٣/ ٧٨ - ٧٩)، وأبو نعيم في "الحلية" (١/ ٣٧٧ - ٣٧٨)، والبيهقي في "المدخل" (ص ٨)، و"الاعتقاد" (ص ١٦٢)، والبغوي في "شرح السنة" (رقم ١٥٠) بأسانيد بعضها حسن، عن ابن مسعود موقوفًا، قال الزركشي في "المعتبر" (رقم ٢٩٤): "لم يرد مرفوعًا، والمحفوظ وقفه على ابن مسعود".
قلت: أخرج الخطيب في "تاريخه" (٤/ ١٦٥) نحوه مرفوعًا، وفيه سليمان بن عمرو النخعي كذاب.
قال المصنف في "الفروسية" (ص ٢٩٨ - بتحقيقي) عنه: "إن هذا ليس من كلام رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، يضيفه إلى كلامه مَنْ لا عِلْم له بالحديث، وإنما هو ثابت عن ابن مسعود من قوله، ذكره الإمام أحمد وغيره موقوفًا عليه".
(٢) علقه من طريقه: ابن عبد البر (١٦١٧)، وابن لهيعة مات سنة ١٧٤ هـ، وقد ناف عن الثمانين، فيظهر أنه لم يدرك الحادثة، فهو منقطع.
(٣) ما بين المعقوفتين من (ك) و (ق).
(٤) رواه ابن سعد في "الطبقات" (٧/ ١٦٥)، من هذه الطريق، وذكره ابن عبد البر عن ابن سعد (١٦١٩، ص ٨٥٦)، وإسناده صحيح، رواته كلهم ثقات والجُريري هو سعيد بن إياس اختلط، لكن رواية حماد بن سلمة عنه قبل الاختلاط.