كتاب إعلام الموقعين عن رب العالمين - ت مشهور (اسم الجزء: 2)

[شرط الإفتاء عند الشافعي]
وقال الشافعي فيما رواه عنه الخطيبُ في كتاب "الفقيه والمتفقه" له: لا يحل لأحد [أن] (١) يفتي في دين اللَّه إلا رجلًا عارفًا بكتاب اللَّه بناسخه ومنسوخه (٢)، وبمُحْكَمِه (٣) ومُتَشَابهه، وتأويله وتنزيله، ومَكّيّه ومَدَنيّه، وما أُريد به، و [فيما أُنزل، ثم] (٤) يكون بعد ذلك بَصيرًا بحديث رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، وبالناسخ والمنسوخ (٥)، ويعرف من الحديث مثلَ ما عرف من القرآن، ويكون [بصيرًا] (٦) باللغة، بصيرًا بالشعر وما يحتاج إليه [للسنة] (٧) والقرآن، ويستعمل هذا مع الإنصاف، [وقلة الكلام،] (٤) ويكون بعد هذا مُشْرِفًا على اختلاف أهل الأمصار، وتكون له قريحةٌ بعد هذا، فإذا كان [هذا] (٤) هكذا فله أن يتكلم ويفتي في الحلال والحرام، وإذا لم يكن (هكذا) [فليس له أن يفتي] (٨).
وقال صالح بن أحمد: قلت لأبي: ما تقول في الرجل يسأل عن الشيء فيجيب بما في الحديث وليس بعالم في الفقه؟ فقال: ينبغي للرجل إذا حَمَلَ نفسه على الفُتْيا أن يكون عالمًا بالسنن، عالمًا بوجوه القرآن، عالمًا بالأسانيد الصحيحة، وذكر الكلام المتقدم (٩).
---------------
(١) سقطت من مطبوع "الفقيه والمتفقه".
(٢) "الحق أنه ليس في القرآن آية يبطل العمل بها؛ كما يزعم المتأخرون، بل كل آية مفروضة علينا العمل بما توجبه" (و). قلت: وهذا إنكار للناسخ والمنسوخ. وهي نغمة رددها بعض المتأخرين من غير الموفقين، فكن على حذر منها.
(٣) كذا في "الفقيه والمتفقه" وفي نسخ الإعلام "محكمه" دون (بـ) ووقع في (ق): "بناسخة".
(٤) ما بين المعقوفات زيادات "الفقيه والمتفقه" على "الإعلام"، ووقع في (ق): "أن".
(٥) في (ق): "بالناسخ والمنسوخ منه".
(٦) في "الفقيه والمتفقه": "نصيرًا" والصواب ما أثبتناه.
(٧) بدل ما بين المعقوفتين في "الفقيه والمتفقه": "للعلم".
(٨) بدل ما بين المعقوفتين في "الفقيه والمتفقه": "فله أن يتكلم في العلم ولا يُفتي"، وبدل ما بين الهلالين في (ق): "كذلك" اهـ.
وانظر كلام الشافعي -رحمه اللَّه- بطوله في "الفقيه والمتفقه" (٢/ ٣٣١ - ٣٣٢/ ١٠٤٨ ط دار ابن الجوزي).
(٩) ونصه: "وإنما جاء خلاف من خالف لقلة معرفتهم بما جاء عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- في السنة، وقلة معرفتهم بصحيحها من سقيمها" اهـ.
وفي (ك) و (ق): "عالمًا بوجوه الأسانيد الصحيحة".
انظر: "الفقيه والمتفقه" (٢/ ٣٣٢/ ١٠٤٩)، و"المسودة" (ص ٥١٥).

الصفحة 87