كتاب ديوان السنة - قسم الطهارة (اسم الجزء: 20)

الاحتياطُ عندي؛ لأن المسحَ ثبتَ بالتواترِ، واتفقَ عليه أهلُ السنةِ والجماعةِ، واطمأنتِ النفسُ إلى اتِّفَاقِهِم، فلمَّا قال أكثرُهُم: إنه لا يجوزُ المسحُ للمقيمِ أكثر من خمسِ صلواتِ يومٍ وليلةٍ، ولا يجوزُ للمسافرِ أكثر من خمسِ عشرةَ صلاة ثلاثة أيام ولياليها؛ فالواجبُ على العَالِمِ أن يؤدي صَلَاتَهُ بيقينٍ، واليقينُ الغسلُ، حتَّى يُجمِعُوا على المسحِ، ولم يُجمعوا فوق الثلاث للمسافرِ، ولا فوقَ اليومِ للمقيمِ" (التمهيد ١١/ ١٥٣).
وقال ابنُ حزمٍ: "ثم لو صَحَّ عن أَبي بكرٍ، وعمرَ، وعقبةَ رضي الله عنهم ما ذكرنا، وكان قد خالفَ ذلك: علي، وابن مسعود، وغيرهما، لوجبَ عند التنازعِ الردُّ إلى بيانِ رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، وبيانُهُ عليه السلام قد صَحَّ بالتوقيتِ، ولم يَصحَّ عنه شيءٌ غيرُهُ أصلًا، فكيفَ ولم يَصحَّ قط عن عمرَ إلا التوقيت؟ ! " (المحلى ٢/ ٩٤).
وقال الكاسانيُّ الحنفيُّ: "ورُوِيَ أن عمرَ رضي الله عنه، سألَ عُقبةَ بنَ عَامرٍ -وقد قَدِمَ منَ الشَّامِ-: مَتَى عَهْدُكَ بالمسحِ؟ قال: سبعًا، فقال عمرُ رضي الله عنه: "أَصَبْتَ السُّنَّةَ"، وبلغَ بالمسحِ سبعًا، فهو غريبٌ، فلا يترك به المشهور مع أن الروايةَ المتفق عليها: أنه بلغَ بالمسحِ ثَلَاثًا، ثم تأويله أنه احتاجَ إلى المسحِ سبعًا في مُدَّةِ المسحِ، وأما الحديثُ الآخرُ فقد روى جابرٌ الجعفيُّ (¬١)، عن عمرَ، أنه قال: "لِلمُسَافِرِ ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ، وَلِلْمُقِيمِ يَوْمٌ وَلَيْلَةٌ"، وهو موافقٌ للخبرِ المشهورِ، فكانَ الأَخْذُ به أَولَى" (بدائع الصنائع ١/ ٨).
---------------
(¬١) كذا، وهو خطأٌ، والصوابُ: نباتة الجعفي، كما في جميع المصادر التي سبق ذكرها في التحقيق.

الصفحة 547