كتاب ديوان السنة - قسم الطهارة (اسم الجزء: 20)

فَتَعَقَّبَهُ ابنُ دقيقِ العيدِ فقال: "وهذا الذي ذكره ابنُ حزمٍ في أسدٍ لم يقلْهُ أحدٌ منَ المتقدمينَ فيه فيما عَلِمْنَاهُ، مع اجتهادِهِ في الروايةِ وتَصْنِيفِهِ للعلمِ، ويقالُ: إنه أولُ من صَنَّفَ المسندَ، وقد وقفَ المتقدمونَ على أمرِهِ، وفيهم المشددونَ في الروايةِ، ولم يقولوا ما قال، ولم نرَ فيما بين أيدينا من كتبِ الضعفاءِ والمتروكينَ له ذِكرًا، وأبو أحمدَ ابنُ عَدِيٍّ شَرَطَ أن يذكرَ في كتابِهِ كُلَّ مَن تَكلَّم فيه مُتَكَلِّمٌ، وقد ذكرَ فيه جماعةً مِنَ الأكابرِ والحفاظِ لذلك، ولم يذكرْ أحدًا فيمن خرج في كتابه هذا من حيث عدم الطعن مع الاشتهار. وأما التوثيقُ فقد ذكر أبو الحسنِ بنُ القطانِ، عن أبي العربِ أنه قال: "قال أبو الحسنِ -يعني: الكوفيَّ-: أسدُ بنُ موسى ثقةٌ"، وذكر أيضًا توثيقَهُ عنِ البزارِ، وكذلكَ شَرْطُ أبي أحمد ابنِ عَدِيٍّ يقتضي أنه ثقةٌ، أو صدوقٌ، ... ، ولعلَّ أبا محمدٍ ابنُ حزمٍ وقفَ على ما قاله أبو سعيدِ بنُ يونسَ في كتابِ "الغُرباء" في أسدِ بنِ موسى حيثُ قال فيه: "حَدَّثَ بأحاديثَ منكرةٍ، وكان رجلًا صالحًا، وكان ثقةً فيما روى، وأَحْسَبُ الآفة من غيرِهِ". فإن كان أَخَذَ كلامَهُ من هنا فليسَ بجيدٍ، إذ فرق بين أن يقول: "روى أحاديثَ منكرةً"، وبين أن يقول: إنه "منكرُ الحديثِ"، فإن هذه العبارة تقتضي كثرة ذلك منه حتَّى تصيرَ وصفًا له، فيستحق بها أن لا يحتج بحديثه عندهم، والعبارةُ الأُولى تقتضي وجود النكرة في أحاديث، ولا تقتضي كثرة ذلك، وقد حَكَمَ أبو سعيدِ بنُ يُونسَ بأنه "ثقةٌ فيما رَوى"، وكيف يكونُ ثقةً فيما روى من لا يُحتجُّ بحديثِهِ كما ذكرَ ابنُ حزمٍ؟ ! ...
وبعد هذا كلِّه، فقد حكينا رواية عبد الغفار بن داود الحراني متابعًا لأسد بن موسى، عن حماد بن سلمة، وقول الحَاكمِ: "إن عبدَ الغفارِ ثقةٌ"، وكذلك يقتضي شرط ابن عدي أنه ثقةٌ أو صدوقٌ، ولم يرَ فيه قدحًا لأحدٍ، وهذا يَرُدُّ قولَ

الصفحة 565