كتاب ديوان السنة - قسم الطهارة (اسم الجزء: 20)

آخرُ غير حديث المسح على الخُفَّينِ، وقد روى الناسُ عنِ المغيرةِ أحاديثَ المسحِ في الوضوءِ، فمنهم من روى المسحَ على الخُفَّينِ، ومنهم من روى المسحَ على العِمامةِ، ومنهم من روى المسحَ على الجَورَبَينِ، وليس شئٌ منها بمخالفٍ للآخرِ، إذ هي أحاديث متعددة، وروايات عن حوادث مختلفةٍ، والمغيرةُ صَحِبَ النبيَّ صلى الله عليه وسلم نحو خمس سنين، فمن المعقولِ أن يَشْهَدَ منَ النبيِّ صلى الله عليه وسلم وقائعَ متعددةً في وضوئِهِ ويحكيها، فيسمع بعضَ الرواةِ منه شيئاً آخر، وهذا واضح بديهي" (حاشية الترمذي ١/ ١٦٨)، (المسح على الجوربين صـ ١٠).
وصَحَّحَهُ الألبانيُّ في (صحيح أبي داود ١/ ٢٧٤).
وقال في (تمام المنة ١/ ١١٢ - ١١٣): "فأنتَ تَرَى أن أبا داودَ إنما ضَعَّفَهُ لا لعلةٍ في سندِ الحديثِ، بل لمخالفته للمعروف عنِ المغيرةِ من مسحه صلى الله عليه وسلم عَلَى الخُفَّينِ، ولا يَخْفَى على العاقلِ أن هذا ليس بعلةٍ تَقْدَحُ في صحةِ الحديثِ؛ لأنَّ ثُبُوتَ مَسْحِهِ صلى الله عليه وسلم على الخُفَّينِ لا يَنْفِي ثبوتَ مَسْحِهِ صلى الله عليه وسلم على الجَورَبَينِ والنَّعْلَينِ، فإذا روى هذا عنِ المغيرةِ ثقةٌ وَجَبَ الأَخْذُ به لعدمِ منافاته لما رواه غيرُهُ عنِ المغيرةِ منَ المسحِ على الخُفَّينِ، والواقعُ أن رواةَ هذا الحديثِ كُلُّهم رواةً ثقات، وإسنادُهُ صحيحٌ على شرطِ البخاريِّ"اهـ. وانظر: (إرواء الغليل ١/ ١٣٧).
قلنا: أما الجوابُ على قولِ ابنِ التركمانيِّ: أن أبا قَيسٍ وَثَّقَهُ جماعةٌ وأخرجَ له البخاريُّ؛ بأنَّ احتجاجَ البخاريِّ بحديثِ أبي قَيسٍ هو فيما لم يخالفْ ولم ينكرْ عليه ولم يتبينْ خطؤُهُ فيه، والبخاريُّ نَفْسُهُ نقَل في (التاريخ الكبير) استنكارَ يحيى لبعضِ الأحاديثِ على أبي قَيسٍ منها حديثُ الجوربينِ هذا.
قال ابنُ حَجَرٍ: "وألزمَ الإسماعيليُّ البخاريَّ تخريجَ هذا الحديث، ...

الصفحة 593