كتاب ديوان السنة - قسم الطهارة (اسم الجزء: 20)

قلت (أي: ابن حجر): وكلامُ أبي داود يُشْعِرُ بأنه معلولٌ، فكأنَّ البخاريَّ لم يخرجه لذلك" (النكت الظراف ٨/ ٤٩٣).
كما أنَّ الإمامَ أحمدَ ذَكَرَ في رواية له: "أنه لا بأسَ به"، ومع ذلك عَدَّهُ من مناكيرِهِ.
وأما الجوابُ عن تصحيحِ الترمذيِّ: فقد قال النوويُّ: "وهؤلاء هم أعلامُ أئمةِ الحديثِ، وإن كان الترمذيُّ قال: حديثٌ حسنٌ، فهؤلاء مُقَدَّمُونَ عليه، بل كلُّ واحدٍ من هؤلاءِ لوِ انْفَرَدَ قُدِّمَ على الترمذيِّ باتفاقِ أهلِ المعرفةِ" (المجموع ١/ ٥٠٠).
وقال في (الخلاصة ١/ ١٢٩): "اتَّفَقَ الحفاظُ على تضعيفِهِ، ولا يُقْبَلُ قولُ الترمذيِّ إنه: حسنٌ صحيحٌ".
وقال المباركفوريُّ: "اعلمْ أنَّ الترمذيَّ حسَّنَ حديثَ البابِ وصَحَّحَهُ، ولكنَّ كثيرًا من أئمةِ الحديثِ ضَعَّفُوهُ" (تحفة الأحوذي ١/ ٢٧٨).
فقد نصَّ أكثرُ الحفاظِ على تضعيفِ الحديثِ مخالفينَ للترمذيِّ في ذلك، وهذا مما يُؤكِّدُ على تساهلِ الترمذيِّ في تصحيحِهِ لبعضِ الأحاديثِ.
وقد ذكرَ الذهبيُّ في (الميزان ٣/ ٤٠٧)، بعضَ أمثلة للترمذيِّ صَحَّحَهَا مع مخالفةِ العلماءِ له بتضعيفها، منها ما ذكره في ترجمةِ كثيرِ بنِ عبدِ اللهِ الأبلي فقال: "وأما الترمذيُّ فروى من حديثِهِ: "الصُّلْحُ جَائِزٌ بَيْنَ المُسْلِمِينَ"، وصَحَّحَهُ، فلهذا لا يعتمد العلماء على تصحيح الترمذيِّ". وقد نَصَّ على تساهلِ الترمذيِّ في (الموقظة صـ ٨٣).
وأما الجوابُ عن قولِهِم: "إنها زيادةُ ثقةٍ، والزيادةُ منَ الثقةِ مقبولةٌ"، فليسَ على إطلاقِهِ فأحيانًا تُقبلُ الزيادةُ، وأحيانًا تُرَدُّ حسب القرائنِ والمرجحاتِ،

الصفحة 594