كتاب ديوان السنة - قسم الطهارة (اسم الجزء: 20)

ومخالفةُ الراوي هنا لكلِّ مَن روى الحديثَ عنِ المغيرةِ، قرينةٌ قويةٌ على خَطئِهِ في هذا الحديثِ، كما سبقَ عن غيرِ واحدٍ منَ الأئمةِ.
ولهذا قال الكشميريُّ: "واعلمْ أن المسحَ على الجَورَبَينِ لم يثبتْ عندي مرفوعًا وإن كان جائزًا بشرائطه فقهًا؛ لأن الترمذيَّ وإن صَحَّحَ حديثَ المغيرةِ في الجَورَبَينِ، لكنه معلولٌ عندي قطعًا؛ لأن حديثَ المغيرةِ واقعةٌ واحدةٌ قد رُوِي بنحوٍ من سبعينَ طريقًا، وليسَ فيهما إلا أنه مَسَحَ على الخُفَّينِ، فمن ذكرَ الجَورَبَينِ فقد وَهِمَ قطعًا" (فيض الباري على صحيح البخاري ١/ ٣٦٣).
وقال في موضعٍ آخر: "فما أخرجه الترمذيُّ وَهْمٌ قطعًا، وإنما صَحَّحَهُ نظرًا إلى صورةِ الإِسنادِ فقط" (فيض الباري ١/ ٤٠٢).
وقد أجابَ المباركفوريُّ عن قولهم: "بل هو أَمْرٌ زَائِدٌ على ما رووه ... إلخ" بقوله:
((فيه نظرٌ؛ فإن الناسَ كلهم رووا عن المغيرة بلفظِ: "مَسَحَ عَلَى الخُفَّينِ" وأبو قيسٍ يخالفهم جميعًا فيروي عن هُزيلٍ، عن المغيرة، بلفظِ: "مَسَحَ عَلَى الجَورَبَينِ، وَالنَّعْلَينِ" فلم يزدْ على ما رووا بل خالفَ ما رووا، نَعَمْ لو روى بلفظِ: "مَسَحَ على الخُفَّينِ، وَالجَورَبَينِ، وَالنَّعْلَينِ" لصَحَّ أن يُقالَ: إنه روى أمرًا زائدًا على ما رووه، وإذ ليس، فليس، فتفكر، فإذا عرفتَ هذا كله ظهرَ لك أن أكثرَ الأئمةِ من أهلِ الحديثِ حكموا على هذا الحديثِ بأنه ضعيفٌ، مع أنهم لم يكونوا غافلينَ عن مسألةِ زيادةِ الثقةِ، فحكمهم عندي -والله تعالى أعلم- مقدَّمٌ على حُكمِ الترمذيِّ بأنه حسنٌ صحيحٌ" (تحفة الأحوذي ١/ ٢٧٩).

الصفحة 595