كتاب ديوان السنة - قسم الطهارة (اسم الجزء: 20)

وأما الجمعُ بينَ حديثَ أبي قَيسٍ وغيرِهِ بأنهما واقعتان؛ فبعيدٌ إِذ إنهما لو كانا واقعتين لرواه جمعٌ عنِ المغيرةِ، كما رُوي عنه المسحُ على الخُفَّينِ، ولما حَكَمَ الأئمةُ النُّقَّادُ على حديثِ أبي قَيسٍ بالوهمِ والخطأِ، ولم تَأتِ عن رسولِ اللهِ في المسحِ على الجَورَبَينِ أحاديثُ توازي في صحتها أحاديث المسحِ على الخُفَّينِ، بل كُلُّ ما وَرَدَ ضعيفٌ لا يصحُّ كما سيأتي.
وحديثُ المسحِ على الخُفَّينِ مشهورٌ مستفيضٌ عنِ المغيرةِ، وقد ذكرَ مسلمٌ في (التمييزِ صـ ٢٠٢)، ما يزيدُ على خمسة عشر راويًا رووه عنِ المغيرةِ، لم يذكرْ أحدٌ منهم الجَورَبَينِ، والحديثُ متفقٌ عليه من روايةِ عروةَ بنِ المغيرةِ، ومسروقٍ، كلاهما عنِ المغيرةِ ... به، بذكرِ "الخُفَّينِ"، وهذا منَ الدلائلِ الأكيدةِ على وقوعِ الخطأِ في هذا الحديثِ، فإن اجتماعَ الناسِ على روايةِ الحديثِ، وفيهم بعضُ الثقاتِ الأعلامِ، وفيهم بعضُ أهلِ بيتِ المغيرةِ ممن له اختصاصٌ به ومعرفةٌ بحديثِهِ يقضي بأن الصوابَ ما رووه، وأنَّ انفِرادَ بعضِ الرواةِ بذكرِ "الجَورَبَينِ" خطأٌ.
وقد قالَ ابنُ القيمِ بعد ذِكْرِ مَن ذَهبَ إلى المسحِ على الجَورَبِ مِنَ الصَّحابةِ: "فهؤلاء ثلاثة عشر صحابيًا، والعمدةُ في الجوازِ عَلَى هؤلاءِ رضي الله عنهم لا عَلَى حديثِ أَبي قَيسٍ" (تهذيب السنن ١/ ١٨٧).
وقد جاءتْ متابعتان لحديثِ أَبي قَيسٍ ولا تصحانِ:
المتابعةُ الأُولَى:
رواها أبو بكرٍ الإسماعيليُّ في (معجم شيوخه) قال: حدثنا عبد الرحمن بن محمد بن الحسن بن مرداس الواسطي أبو بكر من حفظه إملاءً، قال: سمعت أحمد بن سنان، يقول: سمعت عبد الرحمن بن مهدي، يقول:

الصفحة 596