كتاب القصاص والمذكرين

- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - الْبَابُ الْعَاشِرُ فِي التَّحْذِيرِ مِنْ أَقْوَامٍ تَشَبَّهُوا بِالْمُذَكِّرِينَ فَأَحْدَثُوا وَابْتَدَعُوا حَتَّى أَوْجَبَ فِعْلُهُمْ إِطْلَاق الذَّم للْقصَاص - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -
قَالَ الْمُصَنِّفُ: لَمَّا كَانَ الْخِطَابُ بِالْوَعْظِ فِي الْأَغْلَبِ لِلْعَوَامِّ وَجَدَ جُهَّالٌ مِنَ الْقُصَّاصِ طَرِيقًا إِلَى بُلُوغِ أَغْرَاضِهِمْ. ثُمَّ مَا زَالَتْ بِدَعُهُمْ تَزِيدُ حَتَّى تَفَاقَمَ الْأَمْرُ. فَأَتَوْا بِالْمُنْكَرَاتِ فِي الْأَفْعَالِ، وَالْأَقْوَالِ، وَالْمَقَاصِدِ.
فَأَمَّا الْأَفْعَالُ فَعَلَى ضَرْبَيْنِ: أَحَدُهُمَا يَجْرِي مِنَ الْقُصَّاصِ، وَالثَّانِي مَا يَجْرِي عِنْدَهُمْ مِنَ الْمُسْتَمِعِينَ.
فَأَمَّا الَّذِي يَجْرِي مِنَ الْقُصَّاصِ فَإِنَّهُمْ أَحْدَثُوا إِلْبَاسَ الْمِنْبَرِ الْخِرَقَ الْمُتَلَوِّنَةَ كَأَنَّهَا الْمَنْثُورُ، وَتَعْلِيقَ الْمُصَلِّي عَلَى الْحَائِطِ. فَتُضْرَبُ لَهُ الْمَسَامِيرُ فِي حَائِطِ الْمَسْجِدِ، وَهَذَا مِنْ جِنْسِ سَتْرِ الْجُدُرِ بِالْأَثْوَابِ. فَيُوجِبُ فِي الْقُلُوبِ هَيْبَةً لِلْقَائِلِ أَكْثَرَ مِنْ هَيْبَةِ مَنْ هُوَ عَلَى خَشْبَةٍ مُعَرَّاةٍ. فَيَقْرُبُ أَمْرُهُ.
وَمِنْ ذَاكَ تَخَاشُعُ الْوَاعِظِ زِيَادَةً عَلَى مَا فِي قَلْبِهِ، وَفِيهِمْ مَنْ يَرْتَعِدُ

الصفحة 295