كتاب القصاص والمذكرين

وَكَانَ يزْعم أَنه يرى رَسُول الله فِي يَقَظَتِهِ / لَا فِي نَوْمِهِ. وَكَانَ يَذْكُرُ فِي وَعْظِهِ أَنَّهُ كُلَّمَا أَشْكَلَ عَلَيْهِ أَمْرٌ رَأَى رَسُولَ اللَّهِ فَسَأَلَهُ عَنْ ذَلِكَ الْمُشْكِلِ. قَالَ: وَسَمِعْتُهُ يَوْمًا يَحْكِي حِكَايَةً عَنْ بَعْضِ الْمَشَايِخِ. فَلَمَّا نَزَلَ سَأَلْتُهُ عَنْهَا، فَقَالَ: أَنَا وَضَعتهَا فِي الْوَقْت.
وَله من هَذِه الْجَهَالَاتِ وَالْحَمَاقَاتِ مَا لَا يُحْصَى.
قَالَ الْمُصَنِّفُ: وَكَانَ عِنْدَنَا وَاعِظٌ يُقَالُ [لَهُ] مَسْعُودٌ الدِّمَشْقِيُّ. فَحَضَرْتُ عِنْدَهُ يَوْمًا فِي حَالِ صَبْوَتِي فَسَمِعْتُهُ يَقُول: أول قرشي أسلم الْعَبَّاس. وَقَالَ: لَمَّا جِيءَ رَسُولُ اللَّهِ بِصُورَةِ عَائِشَةَ قَبْلَ أَنْ يَتَزَوَّجَهَا كَانَ رَسُولُ اللَّهِ يَدْخُلُ الدُّرُوبَ وَالسِّكَكَ لِيَرَى تِلْكَ الصُّورَةَ فَلَا يَرَى. وَبَعَثَ أَبُو بَكْرٍ يَوْمًا عَائِشَةَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ بِطَبَقٍ فِيهِ رُطَبٌ لِيَرَاهَا رَسُولُ اللَّهِ. فَيَتَزَوَّجُهَا، فَقَالَ النَّبِي: مَا أَجْوَدَ هَذَا الرُّطَبَ {فَقَالَتْ: هَذَا مِنْ بُسْتَان لنا وَلكنه متاخم لِلْمُنَافِقين. وَإِنَّمَا قَالَت: هَذَا مِنْ بُسْتَانٍ لَنَا وَلَكِنَّهُ مُتَاخِمٌ لِلْمُنَافِقِينَ، لِتَعْلَمَهُ وَتُقَرِّرَ عِنْدَهُ أَنَّهُمْ / سَيَتَكَلَّمُونَ فِيَّ. فَلَمَّا تَزَوَّجَهَا وَقُذِفَتْ قَالَ لَهَا: الْحَقِي بِأَهْلِكِ فَمَضَتْ إِلَى بَيْتِ أَبِيهَا، فَقَالَ لَهَا: إِذَا لَمْ يُرِدْكِ الرَّسُولُ، فَاخْرُجِي عَنِّي} فَقَالَتْ: أَيْنَ أَذْهَبُ؟ فَمَضَتْ إِلَى بَيْتِ أُمِّهَا، فَقَالَتْ: إِذَا لَمْ يُرِدْكِ الرَّسُولُ، فَاخْرُجِي عَنِّي {فَقَالَتْ: أَيْنَ أَذْهَبُ؟ فَقَالَت: اذْهَبِي إِلَى بَيْتِ خَالَتِكِ أُمِّ مِسْطَحٍ} فَذَهَبَتْ.

الصفحة 316