كتاب القصاص والمذكرين

قَالَ: وَسَمِعْتُهُ يُنْشِدُ:
(أُعَانِقُهَا وَالنَّفْسُ بَعْدُ مَشُوقَةٌ ... إِلَيْهَا، وَهَلْ بَعْدَ الْعِنَاقِ تَدَانِي)
(وَأَلْثِمُ فَاهَا كَيْ تَزُولَ صَبَابَتِي ... فَيَزْدَادُ مَا أَلْقَى مَنَ الْهَيَمَانِ)
وَمَعْلُومٌ أَنَّ عَامَّةَ الْحَاضِرِينَ أَجْلَافٌ، بَوَاطِنُهُمْ مَحْشُوَّةٌ بِالْهَوَى، مُمْتَلِئَةٌ بِحُبُّ الصِّوَرٍ. وَلَا تَخْلُو الْمَجَالِسُ مِنَ النِّسَاءِ الْمُسْتَحْسَنَاتِ. وَمِثْلُ هَذَا يُحَرِّكُ مَا فِي النُّفُوسِ. فِإِنْ كَانَ الْقَاصُّ شَابًّا مُسْتَحْسَنًا، قَلِيلَ الدِّينِ، كَانَ الْحَدِيثُ مَعَهُ!
فَصْلٌ

قَالَ الْمُصِنِّفُ: وَمِنَ الْقُصَّاصِ مَنْ يُخْرِجُ الْكَلَامَ فِي الْمَحَبَّةِ إِلَى فَنٍّ آخَرَ. فَيَحْمِلُ صِفَةَ الْحَقِّ - عَزَّ وَجَلَّ - عَلَى حَدِيثِ سُعْدَى وَلُبْنَى، وَيُشِيرُ بِهَذَا إِلَى ذَاكَ، وَالْعَامِيُّ / لَا يَفْهَمُ الْمُرَادَ. فَإِنْ أَفْلَحَ وَفَهِمَ تَخَايَلَ وُجُودَ صُورَةٍ مُسْتَحْسَنَةٍ يَشْتَاقُ إِلَيْهَا. فَيَطِيشُ، وَيَصِيحُ، وَيُمَزِّقُ ثِيَابَهُ.

الصفحة 328