كتاب القصاص والمذكرين

قَالَ الْمُصَنِّفُ: قَدْ أَوْضَحْنَا فِي أَوَّلِ الْكِتَابِ فَضِيلَةَ الْوَعْظِ وَالتَّذْكِيرِ. وَلَا يَخْفَى عُمُومُ نَفْعِهِ لِلْعَوَامِّ وَلَيْسَ مِنْ ضَرُورَةِ كَوْنِهِ نَافِعًا أَنْ يَتَشَاغَلَ بِهِ الْفُقَهَاءُ كُلُّهُمْ وَالزُّهَّادُ.
وَقَدْ ذَكَرْنَا عَنْ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ أَنَّهُ قَالَ: مَا أَحْوَجَ النَّاسَ إِلَى قَاصٍّ صَدُوقٍ.
وَقَدْ رَوَيْنَا عَنِ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ أَنَّهُمْ كَانُوا يَعِظُونَ. فَبَانَ أَنَّ مَنْ كَرِهَهُ إِنَّمَا كَرِهَهُ لِأَحَدِ الْوُجُوهِ الَّتِي سَبَقَتْ فِي أَوَّلِ الْكِتَابِ. ثُمَّ قَدْ غلب عَلَى أَرْبَابِهِ قِلَّةُ الْعِلْمِ وَعَدَمِ الْإِخْلَاصِ وَأَنْ يَجْتَلِبُوا بِهِ الدُّنْيَا وَأَكْثَرُهُمْ لَيْسَ بِفَقِيهٍ، وَلِأَنَّ الِانْعِكَافَ عَلَيْهِ يَشْغَلُ عَنْ مُهِمِّ الْعِلْمِ. فَمَتَى تخلص من هَذِه الْآفَات فَهُوَ ممدوح.

الصفحة 357