كتاب تحريم نكاح المتعة

كَمَا ذَكَرْنَا لَكَانَ الْمَصِيرُ إِلَيْهَا وَالْأَخْذُ بِهَا أَوْلَى، لِأَنَّهَا حَاظِرَةٌ وَأَخْبَارُهُمْ مُبِيحَةٌ، وَإِذَا اجْتَمَعَ الْحَظَرُ وَالْإِبَاحَةُ قُدِّمَ الْحَظَرُ عَلَى الْإِبَاحَةِ، كَمَا لَوِ اخْتَلَطَتْ أُخْتُهُ بِأَجْنَبِيَّةٍ، أَوْ شَاةٌ مُذَكَّاةٌ بِمَيْتَةٍ، وَنَحْوَ ذَلِكَ.
وَجَوَابٌ آخَرُ: وَهُوَ أَنَّ الْأَخْذَ بِأَخْبَارِنَا أَقْرَبُ إِلَى السَّلَامَةِ، وَأَبْعَدُ مِنَ الْخَطَرِ وَارْتِكَابِ الْفَاحِشَةِ، وَمَا سَمَّاهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَالصَّحَابَةُ زِنًا وَبَغْيًا وَسِفَاحًا، وَالْوَرَعُ، وَالْعَقْلُ، وَالدِّينُ تَشْهَدُ لَهُ، لِمُخَالَفَتِهِ مَا ذَهَبُوا إِلَيْهِ مِنْ نِكَاحِ الْمُتْعَةِ لِسَائِرِ الْأُصُولِ الَّتِي بَيَّنَّاهَا، فَكَانَ الْأَخْذُ بِأَخْبَارِنَا لِجَمِيعِ الْوُجُوهِ أَوْلَى.
وَجَوَابٌ آخَرُ: وَهُوَ أَنَّ أَخْبَارَنَا نُقِلَ فِيهَا لَفْظُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَمُبَاشَرَةُ التَّحْرِيمِ بِنَفْسِهِ، وَإِفَاضَةُ ذَلِكَ إِفَاضَةً شَائِعَةً عَامَّةً عَلَى رُءُوسِ الْأَشْهَادِ، وَمَجْمَعِ الْمَوْسِمِ، نَاصِبًا نَفْسَهُ لِإِعْلَامِ النَّاسِ أُمُورَ دِينِهِمْ مُوَدِعًا لَهُمْ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ أَخْبَارُهُمْ، فَكَانَتْ أَخْبَارُنَا أَوْلَى بِالْأَخْذِ، وَبِالرُّجُوعِ إِلَيْهَا مِنْهَا.
وَجَوَابٌ آخَرُ: وَهُوَ أَنَّ أَخْبَارَنَا بِلَفْظِ الرَّسُولِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَأَخْبَارَهُمْ عَنْ مُنَاوَلَةٍ، وَلَفْظٌ بِغَيْرِ وَاسِطَةٍ أَوْلَى.

الصفحة 103