كتاب تحريم نكاح المتعة

قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَخَالَفَنَا مُخَالِفُونَ فِي نِكَاحِ الْمُتْعَةِ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ: النَّهْيُ عَنْ نِكَاحِ الْمُتْعَةِ عَامَ خَيْبَرَ، عَلَى أَنَّهُمُ اسْتَمْتَعُوا مِنْ يَهُودِيَّاتٍ وَفِي دَارِ شِرْكٍ، فَكُرِهَ ذَلِكَ لَهُمْ، لَا عَلَى تَحْرِيمِهِ لِأَنَّ النَّاسَ اسْتَمْتَعُوا عَامَ الْفَتْحِ فِي حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ، قَالَ الشَّافِعِيُّ: فَقِيلَ لَهُ: الْحَدِيثُ عَامَ الْفَتْحِ فِي النَّهْيِ عَنْ نِكَاحِ الْمُتْعَةِ عَلَى الْأَبَدِ، أَبْيَنُ مِنْ حَدِيثِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، وَلِذَا لَمْ يَثْبُتْ، وَلَا حُجَّةَ فِيهِ بِالْإِرْخَاصِ فِي الْمُتْعَةِ، وَهِيَ مَنْهِيٌ عَنْهَا كَمَا رَوَى عَلِيٌّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، وَالنَّهْيُ عِنْدَنَا عَلَى التَّحْرِيمِ، إِلَّا أَنْ تَأَتِيَ دَلَالَةٌ عَلَى أَنَّهُ اخْتِيَارٌ لَا تَحْرِيمٌ.
قَالَ الشَّافِعِيُّ: فَقَالَ: " أَفَرَأَيْتَ إِنْ لَمْ يَكُنْ فِي النَّهْيِ عَنْ نِكَاحِ الْمُتْعَةِ دَلَالَةٌ عَلَى نَاسِخٍ وَلَا مَنْسُوخٍ، الْإِرْخَاصُ فِيهَا أَوْلَى، أَمِ النَّهْيُ عَنْهَا؟ , قُلْنَا: بَلِ النَّهْيُ عَنْهَا، وَاللَّهُ أَعْلَمُ، قَالَ: فَمَا الدَّلَالَةُ عَلَى مَا وَصَفْتَ؟ ، قَالَ: قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ {5} إِلا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ} [المؤمنون: 5-6] ، فَحَرَّمَ النِّسَاءِ، إِلَّا بِنَكَاحٍ أَوْ مِلْكِ يَمِينٍ، وَقَالَ فِي الْمَنْكُوحَاتِ: {إِذَا نَكَحْتُمُ الْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ} [الأحزاب: 49] ، فَأَحَلَّهُنَّ بَعْدَ التَّحْرِيمِ بِالنِّكَاحِ، وَلَمْ يُحَرِمْهُنَّ إِلَّا بِالطَّلَاقِ، وَقَالَ فِي الطَّلَاقِ:

الصفحة 54