كتاب تحريم نكاح المتعة

انْطُلِقَ بِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَكَانَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ يُرَخِّصُ لِرَسُولِهِ مَا شَاءَ» وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى صِحَّةِ مَا قُلْنَاهُ مِنَ الْإِجْمَاعِ عَلَى تَحْرِيمِهَا، لِأَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فِي هَذِهِ الْأَخْبَارِ، وَفِيمَا تَقَدَّمَهَا، نَهَى عَنْهَا عَلَى الْمِنْبَرِ وَتَوَعَّدَ عَلَيْهَا، وَغَلَّظَ أَمْرَهَا، وَذَكَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَرَّمَهَا، وَنَهَى عَنْهَا وَذَلِكَ بِحَضْرَةِ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ، فَلَمْ يُعَارِضْهُ أَحَدٌ مِنْهُمْ، وَلَا رَدَّ عَلَيْهِ قَوْلَهُ فِي ذَلِكَ، مَعَ مَا كَانُوا عَلَيْهِ مِنَ الْحِرْصِ عَلَى إِظْهَارِ الْحَقِّ، وَبَيَانِ الْوَاجِبِ وَرَدِّ الْخَطَإِ، كَمَا وَصَفَهُمُ اللَّهُ وَرَسُولَهُ فِي ذَلِكَ، أَلَا تَرَى أَنَّ أُبَيَّ بْنَ كَعْبٍ عَارَضَهُ فِي مُتْعَةِ الْحَجِّ، وَقَدْ عَارَضَهُ مُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ فِي رَجْمِ الْحَامِلِ، فَقَالَ: إِنْ كَانَ لَكَ سَبِيلٌ عَلَيْهَا، فَلَا سَبِيلَ لَكَ عَلَى مَا فِي بَطْنِهَا، وَكَذَلِكَ عَارَضَتْهُ الْمَرْأَةُ حِينَ قَالَ: لَا يُزَادُ فِي الصَّدَاقِ عَلَى خَمْسِ مِائَةِ دِرْهَمٍ، وَغَيْرِ ذَلِكَ، لِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ لِمِثْلِهِمُ الْمُدَاهَنَةُ فِي الدِّينِ، ولَا السُّكُوتُ عَلَى اسْتِمَاعِ الْخَطَإِ، لَا سِيَّمَا فِيمَا هُوَ رَاجِعٌ إِلَى الشَّرِيعَةِ، ثَابِتٌ فِي أَحْكَامِهَا عَلَى التَّأْبِيدِ، فَلَمَّا سَكَتُوا عَلَى ذَلِكَ لَمْ يُنْكِرْهُ مِنْهُمْ أَحَدٌ، عُلِمَ أَنَّ ذَلِكَ هُوَ الْحَقُّ، وَأَنَّهُ ثَابِتٌ فِي الشَّرِيعَةِ مِنْ نَسْخِ

الصفحة 77