كتاب نفحات من علوم القرآن

يقول: وَتِلْكَ الْأَمْثالُ نَضْرِبُها لِلنَّاسِ وَما يَعْقِلُها إِلَّا الْعالِمُونَ (¬1)). وقد أخرج البيهقي عن أبي هريرة رضي الله عنه أنه قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلم: «إن القرآن نزل على خمسة أوجه، حلال وحرام ومحكم ومتشابه وأمثال، فاعملوا بالحلال واجتنبوا الحرام، واتبعوا المحكم، وآمنوا بالمتشابه، واعتبروا بالأمثال» (¬2) صدق رسول الله صلّى الله عليه وسلم.

فوائد الأمثال
س: ما فوائد المثل في القرآن الكريم؟
ج: لمعرفة الأمثال القرآنية فوائد جمة نوجزها فيما يلي:
أولا: إبراز المعقول في صورة المحسوس الذي يلمسه الناس، حيث ضرب الله المثل لبيان حال المنفق رياء بأنه لا يحصل من إنفاقه على شيء من الثواب. فقال تعالى: فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ صَفْوانٍ عَلَيْهِ تُرابٌ فَأَصابَهُ وابِلٌ فَتَرَكَهُ صَلْداً لا يَقْدِرُونَ عَلى شَيْءٍ مِمَّا كَسَبُوا (¬3).
ثانيا: الأمثال تكشف عن الحقائق وتبين الغائب في معرض الحاضر، كقوله تعالى: الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبا لا يَقُومُونَ إِلَّا كَما يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطانُ مِنَ الْمَسِّ (¬4).
ثالثا: الأمثال تجمع المعاني الرائعة في عبارات موجزة، كالأمثال الكامنة والمرسلة التي سبق ذكرها.
رابعا: يضرب المثل للترغيب. كما في قوله تعالى: مَثَلُ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنْبَتَتْ سَبْعَ سَنابِلَ فِي كُلِّ سُنْبُلَةٍ مِائَةُ حَبَّةٍ وَاللَّهُ يُضاعِفُ لِمَنْ يَشاءُ وَاللَّهُ واسِعٌ عَلِيمٌ (¬5).
خامسا: يضرب الله تعالى المثل للتنفير. حيث يقول جل ذكره: وَلا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضاً أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتاً فَكَرِهْتُمُوهُ (¬6).
¬__________
(¬1) سورة العنكبوت آية رقم 43.
(¬2) انظر الإتقان للسيوطي. الجزء الثاني صفحة 131.
(¬3) سورة البقرة آية رقم 264.
(¬4) سورة البقرة رقم 275.
(¬5) سورة البقرة آية رقم 261.
(¬6) سورة الحجرات آية رقم 12.

الصفحة 112