كتاب نفحات من علوم القرآن

ولقد أقسم الله جلّ شأنه في القرآن ببعض مخلوقاته. مثل قوله تعالى: وَالتِّينِ وَالزَّيْتُونِ، وَالشَّمْسِ وَضُحاها ومثل وَاللَّيْلِ إِذا يَغْشى ومثل وَالضُّحى وَاللَّيْلِ إِذا سَجى فلله سبحانه وتعالى أن يقسم بما شاء من مخلوقاته. وليس للإنسان أن يقسم إلا بالله تعالى وحده. حيث أن القسم بغير الله من العبد نوع من أنواع الشرك. أعاذنا الله وإياك منه.
س: كيف أقسم الله بالخلق وقد نهى عنه؟
ج: أقسم الله تعالى بالخلق وقد نهى عنه فهو وحده له أن يقسم بما شاء على ما شاء.
وقد جاء أنه تعالى أقسم بالمخلوقات على أوجه، منها:
أولا: القسم على حذف مضاف بمعنى (ورب التين ورب الشمس) وهكذا في الباقي.
ثانيا: لأن العرب من قبل نزول القرآن كانت تعظّم هذه الأشياء وتقسم بها، فنزل القرآن على ما كانوا يعرفونه.
ثالثا: أن الأقسام إنما تكون بما يعظمه المقسم ويجلّه. فأقسم تارة بنفسه وتارة بمصنوعاته ومخلوقاته. لأن الصنعة تدل على الصانع. ولأن القسم بالمصنوعات يستلزم القسم بالصانع. حيث أن ذكر المفعول يستلزم أيضا الفاعل. لأنه يستحيل وجود مفعول بدون فاعل. ولا صنعة بدون صانع. ومما أقسم به الله تعالى من الخلق تعظيما لشأنه وليعرف الناس مكانته عند الله تعالى والقسم بالنبي محمد صلّى الله عليه وسلم حيث قال تعالى: لَعَمْرُكَ إِنَّهُمْ لَفِي سَكْرَتِهِمْ يَعْمَهُونَ وقد أخرج ابن مردويه عن ابن عباس قال: ما خلق الله ولا ذرأ ولا برأ نفسا أكرم عليه من محمد صلّى الله عليه وسلم وما سمعت الله أقسم بحياة أحد غيره. صلوات الله وسلامه عليه. وليس لغير الله أن يفعل ذلك. ويقسم بأحد من الخلق لا نبي ولا ولي ولا أي شيء من سائر المخلوقات.
س: كم نوعا للقسم؟
ج: للقسم نوعان: إما ظاهر كما جاء في الآيات القرآنية السابقة وإما مضمر.

الصفحة 97