كتاب دفاع عن الحديث النبوي

الحديث الثالث: قال (ص 259) : (وروى خبر المصالحة على الجزية (يعني مع وفد نجران) أبو داود في كتاب الخراج باب أخذ الجزية)
قلت: في إسناده أسباط بن نصر الهمداني وهو ضعيف لسوء حفظه قال الحافظ في (التقريب) : (صدوق كثير الخطأ)
ومن طريق أبي داود أخرجه الضياء المقدسي في (الأحاديث المختارة مما ليس في (صحيح البخاري) و (صحيح مسلم) (58 / 187 / 1) فاقتضى التنبيه
الحديث الرابع: قال (ص 261) وقد ذكر حديث إسلام عدي بن حاتم مفصلا: (رواه ابن إسحاق والإمام أحمد والبغوي في معجمه بألفاظ متقاربة وانظر الإصابة للحافظ ابن حجر: 2 / 461)
قلت: رجعت إلى (الإصابة) فرأيته قال: (وروى أحمد والبغوي في (معجمه) وغيرهما من طريق أبي عبيدة بن حذيفة قال: كنت أحدث حديث عدي بن حاتم فقلت: هذا عدي في ناحية الكوفة فأتيته فقال. . .) قلت: فذكره بنحو سياق كتاب الدكتور وأحضر منه ثم رجعت إلى (مسند أحمد) فوجدت الحديث فيه (4 / 378 و 379) من الوجه المذكور وأبو عبيدة هذا لم يوثقه أحد غير ابن حبان وهو لين التوثيق ولذلك لم يعتمده الحافظ في (التقريب) فقال فيه: (مقبول) يعني عند المتابعة وإلا فلين الحديث كما نص عليه في المقدمة ولما كان الحديث لا يعرف إلا من طريقه فهو ضعيف لا سيما وهو في (الصحيح) مختصر بغير هذا السياق كما يأتي
وأما ابن إسحاق فأورده (4 / 227 - ابن هشام) بدون إسناد فلا فائدة من عزو الدكتور إليه لأن ابن إسحاق لو ساق الحديث بالسند إلى النبي A ولم يصرح بسماعه إياه من شيخه الذي رواه عنه لم
[11]
يقبل منه لأنه كان مدلسا ولذلك ترى العلماء المحققين العارفين بهذا الشأن يعللون مئات الأحاديث بعنعنة ابن إسحاق وغيره من المدلسين فكيف يقبل حديثه إذا أعضله ولم يسق إسناده؟ ولست أدري إذا كان هذا مما خفي على الدكتور أم تجاهله لضرورة التأليف فقد رأيته أكثر من مثل هذا العزو الذي لا فائدة فيه وقد مضى بعض الأمثلة منه
نعم قد أخرج البخاري في (المناقب) من (صحيحه) من طريق أخرى عن عدي آخر الحديث بنحوه والذي يتلخص من هذا الفصل أن الدكتور لم يكن الصواب حليفه حين أطلق: (صحاح السنة) على غير الصحيحين من الكتب المتقدمة وأننا أثبتنا له ضعف أربعة أحاديث من أصل أحد عشر حديثا عزاها إليها فكيف يكون الحال لو أن عددها كان بلغ المائة أو المئات؟ لا شك أن نسبة الضعف فيها سيرتفع بنسبة الزيادة فيها
وإذا كان هذا حال أحاديثه التي نقلها من (الصحاح) بزعمه فكيف يكون حال الأحاديث الأخرى التي نقلها من كتب السيرة وقد أشار إلى أن في هذه الكتب ما لا يصح وصرح أنه إنما اعتمد على ما صح من الأخبار فيها؟ ذلك ما أريد تحقيقه في الفصل التالي إن شاء الله تعالى

الصفحة 11