كتاب دفاع عن الحديث النبوي

اللبيب إلى عدم ثبوتها ولو كان جاهلا بعلم الحديث ونقد الأسانيد ألا وهو قوله (2 / 129) :
(فلما سمع أهل المدينة بجيش مؤتة قادمين تلقوهم ب (الجرف) فجعل الناس يحثون في وجوههم التراب ويقولون: يا فرار () أفررتم من سبيل الله؟ فيقول رسول الله A: ليسوا بفرار ولكنهم كرار إن شاء الله؟)
فقلت: فهذا منكر بل باطل ظاهر البطلان إذ كيف يعقل أن يقابل الجيش المنتصر مع قلة عدده وعدده على جيش الروم المتفوق عليهم في العدد والعدد أضعافا مضاعفة كيف يعقل أن يقابل هؤلاء من الناس المؤمنين بحثو التراب في وجوههم ورميهم بالفرار من الجهاد وهم لم يفروا بل ثبتوا ثبوت الأبطال حتى نصرهم الله وفتح عليهم كما في حديث البخاري: (. . . حتى أخذ الراية سيف من سيوف الله حتى فتح الله عليهم) ؟
ومن العجائب أن الدكتور بعد أن ذكر هذا الحديث الصحيح وأتبعه بقوله:
(وهذا الحديث يدل كما ترى أن الله أيد المسلمين بالنصر أخيرا) . فإنه مع ذلك أورد هذه الزيادة المنكرة فقال (2 / 180) :
(وأما سبب قول الناس للمسلمين بعد رجوعهم إلى المدينة: يا فرار. . . فهو أنهم لم يتبعوا الروم ومن معهم في هزيمتهم. . .)
فنقول: إن هذا التأويل بعيد جدا ثم إن التأويل فرع التصحيح كما هو مقرر في (الأصول) فهلا أثبت هذه الرواية يا فضيلة الدكتور حتى يسوغ لك أن تتأولها لتقضي به على هذا المعنى المستنكر الظاهر منها؟ وإلا فالواقع أن الأمر كما تقول العامة: هذا الميت لا يستحق هذا العزاء
[31]

الصفحة 31