كتاب دفاع عن الحديث النبوي

وإن كان هذا التأويل يدل على شيء فهو أن الدكتور لا يفرق بين ما صح وما لم يصح من الأخبار فهو يسوقها كلها مساقا واحدا ويعاملها معاملة واحدة فهو مثلا لا يفرق بين ما رواه البخاري وما رواه ابن سعد ولو بدون إسناد؟ وما هكذا يكون صنيع العلماء
وإذا شئت مثالا على نقيض صنيعه مصدره حافظ من حفاظ المسلمين فخذ الحافظ ابن كثير مثلا فإنه ذكر هذه الرواية المستنكرة في كتابه (البداية) (4 / 248) من رواية ابن إسحاق عن عروة مرسلا ثم قال: (وهذا مرسل من هذا الوجه وفيه غرابة وعندي أن ابن إسحاق قد وهم في هذا السياق فظن أن هذا الجمهور: الجيش وإنما كان الذين فروا حين التقى الجمعان وأما بقيتهم فلم يفروا بل نصروا كما أخبر بذلك رسول الله A المسلمين وهو على المنبر فما كان المسلمون ليسمونهم فرارا بعد ذلك وإنما تلقوهم إكراما وإعظاما)
فليت أن الدكتور رجع إلى كتاب هذا الحافظ فاستعان به على تجلية ما قد يغمض عليه من الحقائق والمعارف لا سيما وموضوعه في نفس موضوع كتابه وفي متناول يده ولكن العجلة في التأليف وعدم التروي في البحث والعجز عن التحقيق فيه وشهوة التأليف فيما ليس من اختصاصه هو الذي يوقع صاحبه في مثل هذه الأخطاء الظاهرة والله المستعان
الحديث الثامن عشر قال (2 / 188) : (ثم قال A: يا معشر قريش ما ترون أني فاعل بكم؟ قالوا خيرا أخ كريم وابن أخ كريم فقال: اذهبوا فأنتم الطلقاء)
قلت: هذا الحديث على شهرته ليس له إسناد ثابت وهو عند ابن هشام معضل وقد ضعفه الحافظ العراقي كما بينته في (تخريج فقه السيرة) (ص 415) فلست أدري ما الذي منع الدكتور من أن يستفيد من هذا الحافظ تضعيفه
[32]

الصفحة 32