كتاب دفاع عن الحديث النبوي

قلت: وهذا لا يصح كالأحاديث السابقة لأنه عنده بإسناد معضل والمرفوع منه أخرجه أبو داود وأحمد بإسناد منقطع كما بينته في (تخريج الفقه) (ص 540) فتجاهل الدكتور هذا كغيره - مما سبق - وصححه فالله المستعان
الرابع والعشرون: قال في (حجة الوداع) (2 / 270) : (فلما رأى A البيت قال: (اللهم زد هذا البيت تشريفا وتعظيما وتكريما ومهابة وزد من عظمه ممن حجه واعتمره تشريفا وتكريما ومهابة وتنظيما وبرا) رواه الطبراني وابن سعد)
قلت: وهذا ضعيف جدا بل موضوع. أما ابن سعد فذكره بدون إسناد (2 / 173) وأما الطبراني فأخرجه في (المعجم الكبي) (ج 1 ق 149 / 2 مخطوط) عن حذيفة بن أسيد وفي إسناده عاصم بن سليمان الكوزي. قال الذهبي في (الميزان) : (قال ابن عدي: يعد ممن يضع الحديث وقال الفلاس: كان يضع ما رأيت مثله قط. . . وقال الدارقطني: كذاب)
وقال الهيثمي في (مجمع الزوائد) (3 / 238) بعد أن عزاه للطبراني: (وهو متروك)
قلت: وعلى هذا يرد على الدكتور أمران لا بد له من أحدهما:
الأول: إن كان يعلم هذه العلة ومع ذلك جزم بنسبته إلى النبي A فقد شمله وعيد قوله A: (من حدث عني بحديث يرى أنه كذب فهو أحد الكاذبين) أخرجه مسلم في مقدمة (صحيحه) (1 / 7) بإسنادين صحيحين عن سمرة بن جندب والمغيرة بن شعبة
والآخر: إن كان لا يعلمها - وهو الظن به - فكيف رواه وحدث به ورسول الله A يقول: (كفى بالمرء كذبا أن يحدث بكل ما سمع) ؟ أخرجه مسلم أيضا (1 / 8) بإسناد صحيح بل كيف أورده في كتابه الذي زعم
[37]
فيه أنه اعتمد على ما صح من الأخبار؟ والظن به أيضا أنه لا علم عنده بهذين الحديثين وإلا لكانا كافيين في ردعه عن رواية الأحاديث الضعيفة وتحت ستار أنها صحيحة؟ والله المستعان وإنا لله وإنا إليه راجعون
وبهذا ينتهي ما أردت ذكره من الأحاديث الضعيفة والأخبار الواهية التي عثرت عليها في كتاب الدكتور البوطي وهي تبين أوضح البيان أن ما قاله في نصوص كتابه (اعتمدت فيها أولا على صحاح السنة. ثانيا على ما صح من أخبار السيرة في كتبها) (1) لم يكن إلا لمجرد الدعاية للكتاب ولفت أنظار الناس إليه وفي تضاعيف الكلام عليها ما يبين أنه ليس عنده من الثقافة والمعرفة بالسنة ومصطلح الحديث وتراجم الرواة ما يمكنه من تنفيذ هذا المنهج الذي زعم أنه اعتمده في كتابه حتى ولو بالاعتماد على العلماء في ذلك وتقليدهم فهو لا يحسن حتى تقليدهم لأنه لا معرفة له بأقوالهم ومع ذلك فهو يحاول أن يعمل عمل الفحول منهم وهيهات فما أشبهه بقول بعض السلف: (ما مثلك إلا مثل الفروج يسمع الديكة تصرخ فيصرخ معها)
وقد بقيت لدي أمثلة أخرى من أخطائه التي تدل على مبلغ علمه بهذا الفن الشريف وهي تمثل أنواعا شتى من البعد عن النهج العلمي الصحيح فأقول:

الصفحة 37