كتاب دفاع عن الحديث النبوي

قلت: لنا عليه مؤاخذتان:
الأولى: الإجماع المذكور لم يدعه أحد قبل الدكتور فيما علمت فلا قيمة له
والأخرى: أن القصة لم تأت بإسناد تقوم به الحجة وأشهر طرقها ما رواه محمد بن إسحاق عن جهم بن أبي جهم عن عبد الله بن جعفر عن حليمة بنت الحارث السعدية
أخرجه أبو يعلى (ق 128 / 1) وعنه ابن حبان (2094 - موارد) وأبو نعيم في (دلائل النبوة) (1 / 47) عن ابن إسحاق به وأخرجه البيهقي في (دلائل النبوة) (1 / 108) عنه أيضا إلا أنه قال: حدثنا جهم بن أبي الجهم - مولى لامرأة من بني تميم كانت عند الحارث بن حاطب وكان يقال: مولى الحارث بن حاطب - قال: حدثنا من سمع عبد الله بن جعفر بن أبي طالب يقول: حدثت عن حليمة بنت الحارث
قلت: وهذا إسناد ضعيف فيه علتان:
الأولى: الاضطراب في إسناده كما هو ظاهر ففي الرواية الأولى عنعنة ابن إسحاق من جميع رواته وفي الأخرى تصريحه بالتحديث مع تصريح الجهم بأنه لم يسمعه من عبد الله بن جعفر وتصريح هذا بأنه لم يسمعه من حليمة فعلى الرواية الأولى فيه انقطاع بين ابن إسحاق والجهم لأن الأول مشهور بالتدليس وعلى الرواية الأخرى الانقطاع في موضعين منه ومنه تعلم وهم الحافظ في (الإصابة) حيث قال (4 / 266) : (وصرح ابن حبان في (صحيحه) بالتحديث بين عبد الله وحليمة) فإنه لا أصل لهذا التحديث عند ابن حبان ولا عند غيره ممن ذكرنا ويستبعد جدا أن يدرك عبد الله بن جعفر حليمة مرضعة الرسول A فإنه لما توفي النبي A كان عبد الله ابن عشر سنين وهي وإن لم يذكروا لها وفاة فمن المفروض عادة أنها توفيت قبل رسول الله صلى الله عليه وسلم والله أعلم
[39]
وسواء كان الراجح الرواية الأولى أو الأخرى فالإسناد منقطع لا محالة والعلة الأخرى أن مداره على جهم بن أبي الجهم وهو مجهول الحال قال الذهبي في (الميزان) : (لا يعرف له قصة حليمة السعدية)
وأما ابن حبان فذكره في (الثقات) (1 / 31) على قاعدته في توثيق المجهولين وللقصة عند أبي نعيم طريقان آخران مدارهما على الواقدي وهو كذاب أحدهما عن شيخه موسى بن شيبة وهو لين الحديث كما قال الحافظ في (التقريب) والأخرى عن عبد الصمد بن محمد السعدي عن أبيه عن جده قال: حدثني بعض من كان يرعى غنم حليمة. . . وهؤلاء مجهولون

الصفحة 39