جبريل فقال: يا محمد إنك رسول الله حقا فيسكن لذلك جأشه وتقر نفسه فيرجع فإذا طالت عليه فترة الوحي غدا لمثل ذلك فإذا أوفى بذروة جبل تبدى له جبريل فقال له مثل ذلك)
وهكذا أخرجه بهذه الزيادة أحمد (6 / 232 - 233) وأبو نعيم في (الدلائل) (ص 68 - 69) والبيهقي في (الدلائل) (1 / 393 - 395) من طريق عبد الرزاق عن معمر به
ومن هذه الطريق أخرجه مسلم (1 / 98) لكنه لم يسق لفظه وإنما أحال به على لفظ رواية يونس عن ابن شهاب وليس فيه الزيادة وكذلك أخرجه مسلم وأحمد (6 / 223) من طريق عقيل بن خالد: قال ابن شهاب به دون الزيادة وكذلك أخرجه البخاري في أول الصحيح عن عقيل به
قلت: ونستنتج مما سبق أن لهذه الزيادة علتين:
الأولى: تفرد معمر بها دون يونس وعقيل فهي شاذة
الأخرى: أنها مرسلة معضلة فإن القائل: (فيما بلغنا) إنما هو الزهري كما هو ظاهر من السياق وبذلك جزم الحافظ في (الفتح) (12 / 302) وقال: (وهو من بلاغات الزهري وليس موصولا)
قلت: وهذا مما غفل عنه الدكتور أو جهله فظن أن كل حرف في (صحيح البخاري) هو على شرطه في الصحة ولعله لا يفرق بين الحديث المسند فيه والمعلق كما لم يفرق بين الحديث الموصول فيه والحديث المرسل الذي جاء فيه عرضا كحديث عائشة هذا الذي جاءت في آخره هذه الزيادة المرسلة
واعلم أن هذه الزيادة لم تأت من طريق موصولة يحتج بها كما بينته في (سلسلة الأحاديث الضعيفة) برقم (4858) وأشرت إلى ذلك في التعليق على (مختصري لصحيح البخاري) (1 / 5) يسر الله تمام طبعه
[41]
وإذا عرفت عدم ثبوت هذه الزيادة فلنا الحق أن نقول إنها زيادة منكرة من حيث المعنى لأنه لا يليق بالنبي A المعصوم أن يحاول قتل نفسه بالتردي من الجبل مهما كان الدافع له على ذلك وهو القائل: (من تردى من جبل فقتل نفسه فهو في نار جهنم يتردى فيها خالدا مخلدا فيها أبدا) أخرجه الشيخان وغيرهما وقد خرجته في (تخريج الحلال والحرام) برقم (447)
3 - قال (1 / 115) : (وكان عليه السلام قبل مشروعية الصلاة يصلي ركعتين صباحا ومثليهما مساء كما كان يفعل إبراهيم عليه السلام)
أقول: لا أعرف لهذا الحديث إسنادا فإن كان الدكتور قد وقف عليه فليذكر لنا مصدره لندرسه وما إخاله يصح نعم ذكر ابن سيد الناس في (عيون الأثر) (1 / 91) عن مقاتل بن سليمان: (فرض الله أول الإسلام الصلاة ركعتين بالغداة وركعتين بالعشي ثم فرض الخمس ليلة المعراج) ثم ذكر نحوه عن الحربي (1 / 149) ونقل عن ابن عبد البر أنه قال:
(لا يوجد هذا في أثر صحيح) ثم أشار ابن سيد الناس (1 / 152) إلى تضعيف قول الحربي
قلت: ومقاتل بن سليمان متروك شديد الضعف قال الحافظ: (كذبوه وهجروه ورمي بالتجسيم)