كتاب الشيعة والتصحيح

وإن تكذبوا فقد كذبت أمم من قبلكم وما على الرسول إلا البلاغ المبين (¬1) ..... ?? فإن أعرضوا فما أرسلناك عليهم حفيظاً إن عليك إلا البلاغ (¬2) .... ? ? فلعلك تارك بعض ما يوحى إليك وضائق به صدرك أن يقولوا لولا أنزل عليه كنز أو جاء معه ملك إنما أنت نذير والله على كل شيء وكيل (¬3) .... ?
إن ربط الخلافة بالخليفة وعدم التفريق بينهما هو الذي مهد الطريق للرواة من الشيعة كما قلنا أن يدونوا ما شاؤوا في إبان عصر الصراع بين الشيعة والتشيع، فالإمام لم يكن مشرعاً ولم يكن يدعي ذلك، ولا اجتهاد أمام النص حتى أن يجتهد أمام نص الخلافة ويسكت عنها كما انه لا يستطيع أن ينقضه لأنه هو موضوع ذلك النص، فالخلافة إذا كانت إلهية وسماوية كانت حقاً عاماً للمسلمين ودستوراً سماوياً لهم بغض النظر عن الشخص الذي يتولاها، ومع كل ما فصلناه في الخلافة وأنها لو كانت بالنص الإلهي لم يستطع أحد مهما كان شأنه أن يعمل خلافها أو يتجاهلها أو ينكرها إلا أننا أمام فئة كبيرة من علماء المذهب الشيعي وقد أغفلوا هذا الأمر إغفالاً، ولذلك ذهبوا إلى تأويل بيعة الأمام بالتقية أو الخوف أو أنه أرغم على أمر لا يعتقد به وخلاف إرادته.
وهنا يأتي دور أولئك الذين أرادوا تحطيم الإمام " علياً " وشخصيته والطعن فيه بصورة غير مباشرة وهكذا تحطيم كل ما يتعلق بعصر الرسالة وصحابة الرسول - صلى الله تعالى عليه وآله وسلم - لأن الطريق الوحيد في إظهار عصر الرسالة بما فيه كبار صحابة رسول الله بالمظهر القاتم هو إعطاء صورة عن خروج ذلك المجتمع الإسلامي عن أوامر الله الصريحة، وهذا الأمر يتوقف على تصوير الخلافة في " علي " بنص إلهي ومخالفة الصحابة كلهم لهذا النص مع علمهم بذلك وإبلاغ الرسول - صلى الله تعالى عليه وآله وسلم - إياهم ثم إعطاء صورة عن الإمام " علي " وهو صاحب الحق في صورة رجل مخادع مداهن مجامل كان مع الخلفاء الثلاثة الذين سبقوه طيلة خمسة وعشرين عاماً في ظاهر الأمر كمستشار أمين وكصديق حميم مطنباً في مدحهم وقائلاً خير الكلام بحقهم ولكنه في واقع الأمر غير معتقد بما يقول وغير مؤمن بما يفعل حتى إنه زَوَّجَ ابنته " أم كلثوم " لِ " عمر بن الخطاب " وهو مرغم
¬_________
(¬1) - العنكبوت 18
(¬2) - الشورى 48
(¬3) - هود 18

الصفحة 37