كتاب الشيعة والتصحيح

هذا ابن خير عباد الله كلهم ......... هذا الإمام التقي الطاهر العلم
لو يعلم الركن من قد جاء يلثمه ...... لقبل الركن منه موضع القدم
يغضي حياء ويغضي من مهابته ........ فلا يكلم إلا حين يبتسم
إن من يمعن النظر في هذا اللقاء الجاف بين الإمام والخليفة الحاكم الذي أغضب هذا الأخير سيعلم علم اليقين أن التقية وكل ما يمت إليها بصلة لم تجد إلى قلب الإمام سبيلاً، ثم يأتي دور الإمام " الباقر " وابنه " الصادق " وهما اللذان أسسا المدرسة الفقهية التي سميت باسم " الفقه الجعفري " وكان الإمامان يدرسان في المدينة في جامع الرسول - صلى الله تعالى عليه وآله وسلم - ويدليان بآرائهما الفقهية وينشران مذهب أهل البيت بلا خوف ولا وجل، فَ " الباقر " عاصر الخلافة الأموية " والصادق " عاصر نهاية الخلافة الأموية وبداية الخلافة العباسية وكانت الخلافة الأموية والعباسية على اختلافٍ مع الإمامين ولا ترتضي بمدرسة أهل البيت الفقهية، ولكن الإمامين أديا الرسالة وقد تخرج عليهما فقهاء وعلماء كثيرون، وهكذا نرى أن الإمامين كانا يؤديان الواجب غير متهيبين من السلطة التي كانت على خلاف معهما.
ومن الغريب أن بعض رواة الشيعة روت عن الإمام " الصادق " روايات في وجوب التقية على شيعته في حين أنه وشيعته لم يكونوا بحاجة إليها، فالإمام كان يدرِّس في مسجد الرسول - صلى الله تعالى عليه وآله وسلم - وحوله آلاف من التلاميذ والطلاب والمستمعين وليت شعري أن اعرف كيف يمكن لمدرسة فقهية بهذه السعة وكثرة الطلاب والتلاميذ أن تبنى على التقية وأية تقية استعملها الإمام في بناء مدرسته الفقهية التي كان يضع أساسها أمام المسلمين وبصورة علنية بما فيهم المحب المخلص والعدو الشامت.
والإمام " موسى بن جعفر " لم يكن على وفاق مع الخليفة العباسي " هارون الرشيد " وقضى سنوات في سجن الخليفة ببغداد، فلو كان " موسى بن جعفر " يسلك طريق التقية ويخادع الخليفة الذي كان ابن عمه وكانت تتحكم بينهما صلات القربى لما حدث له ما حدث.
وعندما آلت الخلافة إلى " المأمون " العباسي عَيَّن الإمام " علي بن موسى " الملقب " الرضا " ولياً للعهد و" علي الرضا " هو الإمام الثامن للشيعة الإمامية غير أن الإمام قضى نحبه في عهد " المأمون " واستمرت الخلافة في العباسيين وبعد

الصفحة 55