كتاب الشيعة والتصحيح

والسياسي للمجتمعات الشيعية أينما وجدن فقد سرت في دمائهم ومنعتهم من الظهور بالمظهر الذي كانوا عليه خوفاً أو خجلاً وحتى في " إيران " القطر الشيعي وعندما كانت السلطة الحاكمة شيعية خالصة كان الشعب الإيراني يسلك طريق التقية كواجب ديني لمواجهة بطش السلطان واستبداده فيضمر لهم بالقلب ما يناقضه في العلن، وهكذا تميز الشعب الإيراني الشيعي كسائر نظراءه م الشيعة بازدواجية الشخصية، وإنني لا أشك أبداً أن التقية قاتلها الله لعبت دوراً
كبيراً في إبقاء الشيعة بعيدة عن الفرق الإسلامية الأخرى كما أنها سببت في رميها بأمور عجيبة وغريبة ما انزل الله بها من سلطان وهي بريئة منها، ولكن الدفاع عن تلك الاتهامات والأوهام لاقى صعوبة بالغة بسبب اشتهار الشيعة بالتقية ورميهم بإخفاء الحقيقة في كل شيء ومما يحزن له قلبي ويعصره عصراً هو أن التقية في الفكر الشيعي تجاوزت عامة الناس واستقرت في أعماق قلوب القادة من زعماء المذهب الأمر الذي كان السبب في دعوتنا لتخليص الشيعة من تلك الزعامات، فعندما يرتضي القائد الديني لنفسه أن يسلك طريق الخداع مع الناس في القول والعمل باسم التقية فكيف ينتظر الصلاح من عامة الناس؟
وفي الوقت الذي أكتب فيه هذه السطور وفي عهد وطأت أقدام الإنسان على سطح القمر وأصبحت الحرية الفكرية والكلامية مقدسة تدافع عن مكنونات الإنسان وعقائده خيراً كانت أو شراً يعيش المجتمع الشيعي بقيادة زعاماته مغلقاً على نفسه بالتقية فيظهر شيئاً ويبطن شيئاً آخر، فلا أعتقد أنه يوجد زعيم شيعي واحد في شرق الأرض وغربها يستطيع أن يعلن رأيه حتى في كثير من البدع التي ألصقت بالمذهب الشيعي خوفاً ورهبةً من الجماهير الشيعية التي درّبتها الزعامات تلك على العمل بتلك البدع فأصبحت جزءاً من كيانها، فمثلاً - وليس على سبيل الحصر - الشهادة الثالثة?أشهد أن علياً ولي الله? التي يتفق عليها علماء المذهب الشيعي بأنها بدعة لم تكن معروفة في عهد الرسول - صلى الله تعالى عليه وآله وسلم - والصحابة وحتى في عهد الإمام " علي " وأئمة الشيعة وكلهم يجمعون على أن من قالها في آذان الصلوات بقصد " الورود " أي انه وارد في الشريعة عمل عملاً محرماً وأتي ببدعة، مع كل هذا لا يوجد زعيم شيعي واحد يستطيع أن يشير إلى هذا الأمر قولاً أو كتابة، كما أنه لا يوجد زعيم شيعي واحد يستطيع أن يصارح جمهور المسلمين بحقيقة الخلاف السائد بين الشيعة والسنة والعمل على رفعه،

الصفحة 57