الدليل الثاني:
أن الرسول - صلى الله عليه وسلم - قرنه في المستحبات دون الواجبات فيأخذ حكمهن.
(463 - 27) فقد روى البخاري رحمه الله قال: حدثنا أحمد بن يونس، حدثنا إبراهيم بن سعد، حدثنا ابن شهاب، عن سعيد بن المسيب،
عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه، سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: الفطرة خمس: الختان والاستحداد وقص الشارب وتقليم الأظفار، ونتف الآباط. ورواه مسلم (¬1).
فإذا كانت هذه الخصال المذكورة مع الختان مستحبة، فكذلك الختان.
وأجيب على ذلك:
أولاً: دلالة الاقتران من أضعف الدلالات. وقد قال سبحانه وتعالى: {كلوا من ثمره إذا أثمر وآتوا حقه يوم حصاده} (¬2).
وإتيان الحق واجب والأمر مباح، ومثله قوله تعالى: {فكاتبوهم إن علمتم فيهم خيراً وآتوهم} (¬3)، والإيتاء واجب، والكتابة سنة، فالأمر المباح أو المندوب حين اقترن بالأمر الواجب لم يعط حكمه. فكذلك الختان (¬4).
ثانياً: لا نسلم أن هذه الأمور الخمسة مستحبة، بل واجبة؛ فالأمور التي من الفطرة، وفطر عليها البشر لا يمكن أن تكون مخالفتها مخالفة لأمور مستحبة فقط.
¬__________
(¬1) صحيح البخاري (5891) ومسلم (257).
(¬2) الأنعام: 141.
(¬3) النور: 33.
(¬4) المجموع (1/ 338).