كتاب موسوعة أحكام الطهارة (اسم الجزء: 6)

على الحدث الأصغر، على أنها لو كانت الأدلة صحيحة وسالمة من القدح لم يسلم لهم قياس الحدث الأكبر على الأصغر، فإن هناك فروضاً في الحدث الأصغر لا تجب في الحدث الأكبر، والعكس، وجميع أحاديث الغسل ليس فيها الأمر في المضمضة والاستنشاق، ولو كانا واجبين لبينه الرسول - صلى الله عليه وسلم -.

دليل من قال بوجوب الاستنشاق دون المضمضة.
(135) استدلوا بما رواه البخاري، قال: حدثنا عبد الله بن يوسف، قال: أخبرنا مالك، عن أبي الزناد، عن الأعرج، عن أبي هريرة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: إذا توضأ أحدكم فليجعل في أنفه ثم لينثر. ورواه مسلم (¬1).
قال ابن المنذر: "والذي به نقول: إيجاب الاستنشاق خاصة دون المضمضة، لثبوت الأخبار عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه أمر بالاستنشاق، ولا نعلم في شيء من الأخبار أنه أمر بالمضمضة" (¬2).
وقال ابن عبد البر: "وحجة من فرق بين المضمضة والاستنشاق أن النبي - صلى الله عليه وسلم - فعل المضمضة ولم يأمر بها، وأفعاله مندوب إليها، ليست بواجبة إلا بدليل، وفعل الاستنثار وأمر به، وأمره على الوجوب أبداً، إلا أن يتبين غير ذلك من مراده". اهـ. (¬3)
وهذا القول هو أسعد الأقوال بالوقوف عند النص وعدم تجاوزه إلى غيره،
¬__________
(¬1) البخاري (162) ومسلم (237).
(¬2) الأوسط (1/ 379).
(¬3) التمهيد كما في فتح البر (3/ 208).

الصفحة 409