هذه أدلة منع الجنب من قراءة القرآن، وإذا كان الجنب ممنوعاً كانت الحائض أولى بالمنع؛ لأن حدثها أغلظ، وقد عرفت أن هذه الأدلة ليست قوية، فلا تكفي في التحريم.
وقد قال بالمنع جماعة من التابعين، منهم عطاء بن أبي رباح (¬1)، مجاهد (¬2)،
¬__________
الشاهد الخامس:
أخرجه ابن عساكر في تاريخ دمشق (28/ 115) من طريق أبي بكر محمد بن يحيى بن العباس الصولي، نا عون - يعني ابن محمد - عن أبيه، عن الهيثم - وهو ابن عدي - قال: ذكروا أن عبد الله بن رواحة ابتاع جارية وذكره إلا أنه ذكر أن امرأته وجدته مرتين، وسألته فقرأ عليه مرة: قوله
شهدت بأن وعد الله حق .... الخ الأبيات، وفي المرة الثانية، قرأ عليها: وفينا رسول الله يتلو كتابه ... الخ الأبيات. وأن الرسول - صلى الله عليه وسلم - قال له: "هذا لعمري من معاريض الكلام، إن خياركم خيركم لنسائه.
وهذا الإسناد فيه ضعف، ومنقطع أيضاً. وعون بن محمد لم يرو عنه أحد إلا محمد بن يحيى الصولي، ولم يوثقه أحد. انظر ترجمته في تاريخ بغداد (2/ 294).
وقال الحافظ: أخباري، ما حدث عنه سوى الصولي. لسان الميزان (4/ 388).
فالقصة كل شواهده معضلة، وفيها اختلاف في متنها، وقد ضعفها جماعة منهم النووي كما في المجموع (2/ 159) وابن عبد الهاد في التنقيح (1/ 426)، والذهبي في العلو (ص: 42).
وصحح إسنادها ابن عبد البر في التمهيد (1/ 296) وقال في الاستيعاب (3/ 900): "رويناها من وجوه صحاح".
وقال محمد بن عثمان الحافظ: رويت هذه القصة من وجوه صحاح. انظر اجتماع الجيوش الإسلامية (145). ولم يتعقبه ابن القيم في شيء. والحق مع من ضعف هذه القصة. والله أعلم.
(¬1) رواه عبد الرزاق (1203) وسنده صحيح.
(¬2) ورواه ابن أبي شيبة (1/ 97) رقم 1083 وسنده صحيح، إلا أنه في منع الجنب.