كتاب الأدب الصغير والأدب الكبير

عدوك؛ لشر يكفه عنك، أو لعورة1 يسترها منك، أو غائبة يطلع عليها لك، فأما صديقك فما أغناك أن يحضره ذو ثقتك.
وإن كان رجلًا من غير خاصة إخوانك, فبأي حق تقطعه عن الناس, وتكلفه ألا يصاحب, ولا يجالس إلا من تهوى؟.
تحفظ في مجلسك, وكلامك من التطاول على الأصحاب، وطب نفسًا عن كثير مما يعرض لك فيه صواب القول والرأي، مداراة؛ لئلا يظن أصحابك أن دأبك3 التطاول عليهم.
إذا أقبل إليك مقبل بوده فسرك ألا يدبر عنك, فلا تنعم الإقبال عليه 3, والتفتح له، فإن الإنسان طبع على ضرائب4 لؤم, فمن شأنه أن يرحل عمن لصق به, ويلصق بمن رحل عنه, إلا من حفظ بالأدب نفسه, وكابر طبعه.
فتحفظ من هذا فيك, وفي غيرك.
ادعاء العلم فضيحة:
لا تكثرن ادعاء العلم في كل ما يعرض بينك وبين أصحابك؛ فإنك من ذلك بين فضيحتين.
إما أن ينازعوك فما ادعيت, فيهجم منك على الجهالة
__________
1 العورة: كل أمر يستحيا منه.
2 الدأب: العادة, والشأن.
3 تنعم الإقبال عليه: تبالغ فيه.
4 ضرائب: طبائع.

الصفحة 101