كتاب الأدب الصغير والأدب الكبير

الحسد, وأما المنطق إذا احتجت إليه, فيبلغك حاجتك, وأما الصمت, فيكسبك المحبة والوقار.
وإذا رأيت رجلًا يحدث حديثًا, قد علمته, أو يخبر خبرا قد سمعته, فلا تشاركه فيه, ولا تتعقبه عليه؛ حرصًا على أن يعلم الناس أنك قد علمته, فإن في ذلك خفة1 وشحًا وسوء أدب, وسخفًا.
وليعرف إخوانك والعامة أنك، إن استطعت، إلى أن تفعل ما لا تقول أقرب منك إلى أن تقول ما لا تفعل.
فإن فضل القول على الفعل عار وهجنة2، وفضل الفعل على القول زينة.
وأنت حقيق فيما وعدت من نفسك, أو أخبرت به صاحبك, أن تحتجن3 بعض ما في نفسك؛ إعدادًا لفضل الفعل على القول، وتحرزًا بذلك عن تقصير فعل إن قصر, وقلما يكون إلا مقصرًا.
العدل نحو العدو, والرضى نحو الصديق:
احفظ قول الحكيم الذي قال: لتكن غايتك فيما بينك وبين عدوك العدل، وفيما بينك وبين صديقك الرضاء.
__________
1 الخفة: الطيش، وعدم الترصن.
2 فضل القول على الفعل: زيادته عليه. الهجنة: القبح والعيب.
3 تحتجن: تدخر.

الصفحة 103