كتاب الأدب الصغير والأدب الكبير

بلية، فاعلم أنك قد ابتليت معه، إما بالمؤاساة1، فتشاركه في البلية، وإما بالخذلان2، فتحتمل العار.
فالتمس المخرج عند أشباه ذلك، وآثر مروءتك على ما سواها.
فإن نزلت الجائحة3 التي تأبى نفسك مشاركة أخيك فيها، فأجمل4، فلعل الإجمال يسعك، لقلة الإجمال في الناس.
وإذا أصاب أخاك فضل، فإنه ليس في دنوك منه، وابتغائك مودته، وتواضعك له مذلة، فاغتنم ذلك، واعمل به.
إلى من تعتذر؟:
لا تعتذرن إلا إلى من يحب أن يجد لك عذرًا، ولا تستعينن إلا بمن يحب أن يظفرك بحاجتك، ولا تحدثن إلا من يرى حديثك مغنمًا، ما لم يغلبك اضطرار.
وإذا اعتذر إليك معتذر، فتلقه بوجه مشرق، وبشر، ولسان طلق إلا أن يكون ممن قطيعته غنيمة.
إذا غرست من المعروف غرسًا، وأنفقت عليه نفقة، فلا تضنن في تربية ما غرست، واستنمائه، فتذهب النفقة الأولى ضياعًا.
__________
1 المؤاساة: التعزية.
2 الخذلان، من خذله: ترك نصرته.
3 الجائحة: النازلة العظيمة.
4 أجمل: اصنع الجميل.

الصفحة 107