كتاب الأدب الصغير والأدب الكبير

لم يحدثوا أنفسهم.
فكل ذلك يهدي إلى الله, ويدل على الذي كانت منه هذه الأمور، مع ما يزيد ذلك يقينًا عند المؤمنين, بأن الله حق كبير, ولا يقدر أحد على يوقن أنه بالباطل.
حق السلطان المقسط:
إن للسلطان المقسط1 حقًا لا يصلح بخاصة, ولا عامة أمر إلا بإرادته، فذو اللب حقيق أن يخلص لهم النصيحة، ويبذل لهم الطاعة، ويكتم سرَّهم، ويزين سيرتهم، ويذب بلسانه ويده عنهم، ويتوخى مرضاتهم, ويكون من أمره المؤاتاة2 لهم, والإيثار لأهوائهم, ورأيهم على هواه ورأيه، ويقدر الأمور على موافقتهم, وإن كان ذلك له مخالفًا3، وأن يكون منه الجد في المخالفة لمن جانبهم وجهل حقهم، ولا يواصل من الناس إلا من لا تباعد مواصلته إياه منهم، ولا تحمله عداوة أحد له, ولا إضرار به على الاضطغان عليهم، ولا مؤاتاة أحد على الاستخفاف بشيء من أمورهم, والانتقاص لشيء من حقهم، ولا يكتمهم شيئًا من نصيحتهم، ولا يتثاقل عن شيء من طاعتهم، ولا يبطر إذا أكرموه، ولا يجترئ عليهم إذا قربوه،
__________
1 المقسط: العادل.
2 المؤتاة: الموافقة.
3 مخالفًا: أي مخالفًا لرأيه.

الصفحة 37