كتاب الأدب الصغير والأدب الكبير

ولا يطغى إذا سلطوه، ولا يُلْحِف1 إذا سألهم، ولا يدخل عليهم المؤونة، ولا يستثقل ما حمَّلوه، ولا يعتز عليهم إذا رضوا عنه، ولا يتغير لهم إذا سخطوا عليه، وأن يحمدهم على ما أصاب من خير منهم, أو من غيرهم, فإنه لا يقدر أحد على أن يصيبه بخير إلا بدفاع الله عنه بهم.
الدليل على علم العالم:
مما يدل على علم العالم معرفته ما يدرك من الأمور, وإمساكه عما لا يدرك, وتزيينه نفسه بالمكارم، وظهور علمه للناس من غير أن يظهر منه فخر ولا عجب، ومعرفته زمانه الذي هو فيه، وبصره بالناس، وأخذه بالقسط, وإرشاده المسترشد، وحسن مخالفته خلطاءه، وتسويته بين قلبه ولسانه، وتحريه العدل في كل أمر، ورحب ذرعه فيما نابه، واحتجاجه بالحجج فيما عمل، وحسن تبصيره.
علم الآخرة:
من أراد أن يبصر شيئًا من علم الآخرة، فالعلم الذي يعرف به ذلك، ومن أراد أن يبصر شيئًا من أمر الدنيا فبالأشياء التي هي تدل عليه.
__________
1 يُلحف: يُلِحُّ.

الصفحة 38