كتاب الأدب الصغير والأدب الكبير

مقت أوذي، ومن أوذي حزن، ومن حزن فقد ذهب عقله, واستنكر حفظه, وفهمه.
ومن أصيب في عقله وفهمه وحفظه, كان أكثر قوله وعمله فيما يكون عليه, لا له.
فإذا افتقر الرجل اتهمه من كان له مؤتمنًا، وأساء به الظن من كان يظن به حسنًا، فإذا أذنب غيره ظنوه, وكان للتهمة وسوء الظن موضعًا.
وليس من خلة هي للغني مدح إلا هي للفقير عيب، فإن كان شجاعًا سمي أهوج، وإن كان جوادًا سمي مفسدًا، وإن كان حليمًا سمي ضعيفًا، وإن كان وقورًا سمي بليدًا، وإن كان لسنًا سمي مهذرًا، وإن كان صموتًا سمي عييًّا.
الموت راحة:
وكان القول: من ابتلي بمرض في جسده لا يفارقه، أو بفراق الأحبة والإخوان، أو بالغربة, حيث لا يعرف مبيتًا ولا مقيلًا ولا يرجو إيابًا، أو بفاقة تضطره إلى المسألة: فالحياة له موت، والموت له راحة.
البلايا في الحرص والشره:
وجدنا البلايا في الدنيا إنما يسوقها إلى أهلها الحرص والشره, ولا

الصفحة 56