كتاب الأدب الصغير والأدب الكبير

في السلطان:
إذا ابتليت بالسلطان تعوذ بالعلماء:
إن ابتليت بالسلطان فتعوذ بالعلماء1.
وأعلم أن من العجب أن يبتلى الرجل بالسلطان, فيريد أن ينتقص من ساعات نصبه2, وعمله, فيزيدها في ساعات دعته3, وفراغه, وشهوته, وعبثه, ونومه.
وإنما الرأي له والحق عليه أن يأخذ لعمله من جميع شغله، فيأخذ له من طعامه, وشرابه, ونومه, وحديثه, ولهوه, ونسائه.
وإنما تكون الدعة بعد الفراغ.
فإذا تقلدت شيئًا من أمر السلطان, فكن فيه أحد رجلين: إما رجلًا مغتبطًا به4، محافظًا عليه؛ مخافة أن يزول عنه، وإما رجلًا كارهًا له مكرهًا عليه, فالكاره عامل في سخرة: إما للملوك، إن كانوا هم سلطوه، وإما لله تعالى، إن كان ليس فوقه غيره.
__________
1 السلطان: الولاية والإمارة والوالي والملك. تعوذ: اعتصم بهم, وألجأ إليهم.
2 النَصَب: التعب.
3 الدعة: الراحة, وخفض العيش.
4 مغتبطًا: مسرورًا.

الصفحة 68