كتاب الأدب الصغير والأدب الكبير

اعرف الفضل في أهل الدين والمروءة في كل كورة1, وقرية, وقبيلة, فيكونوا هم إخوانك وأعوانك وأخدانك وأصفياءك وبطانتك2 وثقاتك وخلطاءك, ولا تقذفن في روعك3 أنك إن استشرت الرجال ظهر للناس منك الحاجة إلى رأي غيرك، فإنك لست تريد الرأي للافتخار به، ولكنما تريده للانتفاع به, ولو أنك مع ذلك أردت الذكر، كان أحسن الذكرين, وأفضلهما عند أهل الفضل, والعقل, أن يقال: لا يتفرد برأيه دون استشارة ذوي الرأي, إنك إن تلتمس رضى جميع الناس, تلتمس ما لا يدرك.
وكيف يتفق لك رأي المختلفين، وما حاجتك إلى رضى من رضاه الجور، وإلى موافقة من موافقته الضلالة والجهالة؟ , فعليك بالتماس رضى الأخيار منهم وذوي العقل, فإنك متى تصب ذلك تضع عنك مؤونة ما سواه.
ما ينبغي للسلطان نحو رعيته:
لا تمكن أهل البلاء الحسن عندك, من التدلل4 عليك، ولا تمكنن من سواهم من الاجتراء عليهم, والعيب لهم.
لتعرف رعيتك أبوابك التي لا ينال ما عندك من الخير إلا
__________
1 الكورة: البقعة التي تجتمع فيها المساكن والقرى.
2 بطانة الرجل: أهله, وخاصته, والذين يشاورهم في أموره.
3 الروع: القلب, والذهن.
4 البلاء: الاختبار. تدلل عليه: أظهر الجرأة إيهاما بالمخالفة, وليس في نفسه خلاف.

الصفحة 70