كتاب الأدب الصغير والأدب الكبير

ثم روِّح عن قلبك1, حتى كأنك لا عدو لك, ولا حاسد.
وإن ذكرك ذاكر عند السلطان بسوء في وجهك, أو في غيبتك, فلا يرين السلطان, ولا غيره منك اختلاطًا لذلك, ولا اغتياظًا, ولا ضجرًا.
ولا يقعن ذلك في نفسك موقع ما يكرثك2، فإنه إن وقع منك ذلك الموقع، أدخل عليك أمورًا مشتبهة بالريبة, مذكرة لما قال فيك العائب, وإن اضطرك الأمر في ذلك إلى الجواب, فإياك وجواب الغضب والانتقام، وعليك بجواب الحجة في حلم ووقار, ولا تشكَّن في أن الغلبة والقوة للحليم أبدًا.
لا تتكلمن عند الوالي كلامًا أبدًا إلا لعناية، أو يكون جوابًا لشيء سئلت عنه, ولا تحضرن عند الوالي كلامًا أبدًا لا تعنى به أو تؤمر بحضوره.
ولا تعدن شتم الوالي شتمًا، ولا إغلاظة إغلاظًا، فإن ريح العزة قد تبسط اللسان بالغلظة في غير سخط, ولا بأس.
جانب المسخوط عليه, والظنين3 به عند السلطان, ولا يجمعنك وإياه مجلس ولا منزل، ولاتظهرن له عذرًا، ولا تثنين عليه خيرًا عند أحد من الناس.
__________
1 روح عنه: أنعشه.
2 يكرثك: يغمك غمًا شديدًا.
3 الظنين: المتهم.

الصفحة 86