كتاب الأدب الصغير والأدب الكبير

الكذب يبطل الحق ويرد الصدق:
لا تتهاونن بإرسال الكذبة عند الوالي أو غيره في الهزل، فإنها تسرع في إبطال الحق, ورد الصدق مما تأتي به.
تنكب1، في ما بينك وبين السلطان, وفي ما بينك وبين الإخوان، خلقًا قد عرفناه في بعض الوزراء والأعوان في ادعاء الرجل، عندما يظهر من صاحبه حسن أثر, أو صواب رأي، أنه عمل في ذلك, وأشار به، وإقراره بذلك إذا مدحه به مادح, بل إن استطعت أن تعرف صاحبك أنك تنحله2 صواب رأيك، فضلًا عن أن تدعي صوابه، وتسند ذلك إليه, وتزينه به، فافعل.
فإن الذي أنت آخذ بذلك أكثر مما أنت معطٍ بأضعاف.
لا تجب إلا إذا سئلت، وأحسن الإصغاء:
إذا سأل الوالي غيرك فلا تكونن أنت المجيب عنه, فإن استلابك الكلام خفة بك, واستخفاف منك بالمسؤول وبالسائل.
وما أنت قائل إن قال لك السائل: ما إياك سألت؟ أو قال لك المسؤول عند المسألة يعاد له بها: دونك, فأجب.
وإذا لم يقصد السائل في المسألة لرجل واحد, وعم بها جماعة
__________
1 تنكب: تجنب.
2 نحله القول: نسبة إليه دون ن يكون له فيه أثر.

الصفحة 88