كتاب الأدب الصغير والأدب الكبير

ومن تمام حسن الخلق والأدب في هذا الباب أن تسخو نفسك لأخيك بما انتحل من كلامك ورأيك، وتنسب إليه رأيه وكلامه، وتزينه مع ذلك ما استطعت.
تمام إصابة الرأي والقول:
لا يكوننَّ من خلقك أن تبتدئ حديثًا, ثم تقطعه, وتقول: سوف. كأنك روَّأت1 فيه بعد ابتدائك إياه, وليكن تروِّيك فيه قبل التفوه به. فإن احتجان2 الحديث بعد افتتاحه سخف وغمٌّ.
اخزن عقلك وكلامك إلا عند إصابة الموضع, فإنه ليس في كل حين يحسن كل صواب, وإنما تمام إصابة الرأي والقول بإصابة الموضع, فإن أخطأك ذلك أدخلت المحنة3 على عقلك وقولك, حتى تأتي به, إن أتيت به, في غير موضعه, وهو لا بهاء ولا طلاوة له, وليعرف العلماء حين تجالسهم أنك على أن تسمع أحرص منك على أن تقول.
__________
1 روأ في الأمر: نظر فيه, وتدبره, ولم يعجل بجواب.
2 الاحتجان: الاختزان.
3 المحنة: البلية.

الصفحة 99