كتاب الناسخ والمنسوخ للقاسم بن سلام - مخرجا

أَخْبَرَنَا عَلِيٌّ قَالَ:

385 - حَدَّثَنَا أَبُو عُبَيْدٍ ق‍َالَ: حَدَّثَنَا حَجَّاجٌ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ , وَعُثْمَانَ بْنِ عَطَاءٍ، عَنْ عَطَاءٍ الْخُرَاسَانِيِّ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ: {§فَانْفِرُوا ثَبَاتٍ أَوِ انْفِرُوا جَمِيعًا} [النساء: 71] وَفِي قَوْلِهِ: {انْفِرُوا خِفَافًا وَثِقَالًا} [التوبة: 41] قَالَ: " نَسَخَتْهَا: {وَمَا كَانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنْفِرُوا كَافَّةً} [التوبة: 122] الْآيَةَ، قَالَ: تَنْفِرُ طَائِفَةٌ وَتَمْكُثُ طَائِفَةٌ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ قَالَ: فَالْمَاكِثُونَ هُمُ الَّذِينَ يَتَفَقَّهُونَ فِي الدِّينِ وَيُنْذِرُونَ إِخْوَانَهُمْ إِذَا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ مِنَ الْغَزْوِ بِمَا نَزَلَ مِنْ قَضَاءِ اللَّهِ وَكِتَابِهِ وَحُدُودِهِ " أَخْبَرَنَا عَلِيٌّ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو عُبَيْدٍ قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ، عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ صَالِحٍ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي هَذِهِ الْآيَةِ قَالَ: يَعْنِي " السَّرَايَا كَانَتْ تَرْجِعُ وَقَدْ نَزَلَ بَعْدَهُمْ قُرْآنٌ تَعَلَّمَهُ الْقَاعِدُونَ مِنَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ، فَتَمْكُثُ السَّرَايَا يَتَعَلَّمُونَ مَا أُنْزِلَ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ بَعْدَهُمْ، وَتُبْعَثُ سَرَايَا أُخْرَى قَالَ: فَذَلِكَ قَوْلُهُ: {لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ} [التوبة: 122] "، -[206]- أَخْبَرَنَا عَلِيٌّ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو عُبَيْدٍ قَالَ: حَدَّثَنَا حَجَّاجٌ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ نَحْوَ ذَلِكَ قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: " فَلَوْلَا هَذِهِ الْآيَةُ لَكَانَ الْجِهَادُ حَتْمًا وَاجِبًا عَلَى كُلِّ مُؤْمِنٍ فِي خَاصَّةِ نَفْسِهِ وَمَالِهِ كَسَائِرِ الْفَرَائِضِ، وَلَكِنَّ هَذِهِ الْآيَةَ جَعَلَتْ لِلنَّاسِ الرُّخْصَةَ فِي قِيَامِ بَعْضِهِمْ بِذَلِكَ عَنْ بَعْضٍ، وَمَعَ هَذَا أَنَّا قَدْ وَجَدْنَا فِي الْحُقُوقِ الْوَاجِبَةِ نَظَائِرَ لِلْجِهَادِ، مِنْهَا عِيَادَةُ الْمَرِيضِ وَحُضُورُ الْجَنَائِزِ وَرَدُّ السَّلَامِ وَتَشْمِيتُ الْعَاطِسِ، فَهَذِهِ كُلُّهَا لَازِمَةٌ لِلْمُسْلِمِينَ غَيْرَ أَنَّ بَعْضَهُمْ يَقُومُ بِذَلِكَ دُونَ بَعْضٍ، وَلَكِنَّ الْفَضِيلَةَ وَالتَّبْرِيزَ لِقَاضِيهَا دُونَ الْمَقْضِيِّ عَنْهُ، فَكَذَلِكَ الْجِهَادُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ، عَلَى أَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ قَدْ كَانَ اشْتَرَطَ فِيهِ شَرْطًا حِينَ أَمَرَ بِهِ، فَجَعَلَهُ مَحْظُورًا فِي بَعْضِ الشُّهُورِ، فَقَالَ عَزَّ وَجَلَّ: {إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا فِي كِتَابِ اللَّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ذَلِكَ الدِّينَ الْقَيِّمَ فَلَا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ} [التوبة: 36]، وَقَالَ عَزَّ وَجَلَّ: {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الْحَرَامِ قِتَالٍ فِيهِ قُلْ قِتَالٌ فِيهِ كَبِيرٌ} [البقرة: 217] هُوَ فِي التَّفْسِيرِ أَنَّ الْقِتَالَ فِيهِ عِنْدَ اللَّهِ عَظِيمٌ كَبِيرٌ، ثُمَّ اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي نَسْخِ تَحْرِيمِهَا وَإِبَاحَةِ الْقِتَالِ فِيهَا "

الصفحة 205