كتاب الناسخ والمنسوخ للقاسم بن سلام - مخرجا

أَخْبَرَنَا عَلِيٌّ قَالَ:

440 - حَدَّثَنَا أَبُو عُبَيْدٍ ق‍َالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ أَبِي مِسْكِينٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ قَالَ: «إِنِّي §لَأَكْرَهُ أَنْ أَرَى مَالَ الْيَتِيمِ عُرَّةً» قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: " وَالَّذِي دَارَ عَلَيْهِ الْمَعْنَى مِنْ هَذَا أَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ لَمَّا أَوْجَبَ النَّارَ لِآكِلِ أَمْوَالِ الْيَتَامَى أَحْجَمَ الْمُسْلِمُونَ عَنْ كُلِّ شَيْءٍ مِنْ أَمْرِهِمْ حَتَّى مُخَالَطَتِهِمْ؛ كَرَاهِيَةَ الْحَرَجِ فِيهَا، فَنَسَخَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ ذَلِكَ بِالْإِذْنِ فِي الْمُخَالَطَةِ وَالْإِذْنِ فِي الْإِصَابَةِ مِنْ أَمْوَالِهِمْ بِالْمَعْرُوفِ إِذَا كَانَتْ لِوَالِي تِلْكَ الْأَمْوَالِ الْحَاجَةُ إِلَيْهَا، قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: " وَمُخَالَطَةُ الْيَتَامَى أَنْ يَكُونَ لِأَحَدِهِمُ الْمَالُ وَيَشُقَّ عَلَى كَافِلِهِ أَنْ يُفْرِدَ طَعَامَهُ عَنْهُ، وَلَا يَجِدُ بُدًّا مِنْ خَلْطِهِ بِعِيَالِهِ، فَيَأْخُذُ مِنْ مَالِ الْيَتِيمِ قَدْرَ مَا يَرَى أَنَّهُ كَافِيهِ بِالتَّحَرِّي، فَيَجْعَلُهُ مَعَ نَفَقَةِ أَهْلِهِ، وَهَذَا قَدْ يَقَعُ فِيهِ الزِّيَادَةُ وَالنُّقْصَانُ، فَجَاءَتْ هَذِهِ الْآيَةُ النَّاسِخَةُ بِالرُّخْصَةِ فِيهِ وَذَلِكَ قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: {وَإِنْ تُخَالِطُوهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ} [البقرة: 220] " قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: «وَهَذَا عِنْدِي أَصْلٌ لِلشَّاهِدِ الَّذِي تَفْعَلُهُ الرِّفَاقُ فِي الْأَسْفَارِ، أَلَا تَرَى أَنَّهُمْ يَتَخَارَجُونَ النَّفَقَاتِ بِالسَّوِيَّةِ وَقَدْ يَتَبَايَنُونَ فِي قِلَّةِ الْمَطْعَمِ وَكَثْرَتِهِ، وَلَيْسَ كُلُّ مَنْ قَلَّ طَعَامُهُ يَطِيبُ نَفْسُهُ بِالتَّفَضُّلِ عَلَى رَفِيقِهِ، فَلَمَّا جَاءَ هَذَا فِي أَمْوَالِ الْيَتَامَى وَاسِعًا كَانَ فِي غَيْرِهِمْ بِحَمْدِ اللَّهِ وَنِعْمَتِهِ أَوْسَعَ، لَوْلَا ذَلِكَ لَخِفْتُ أَنْ يُضَيَّقَ فِيهِ الْأَمْرُ عَلَى النَّاسِ»

الصفحة 240