حدثنا ثابت أن أبا ذر مر بأبي الدرداء وهو يبني بناء له، فقال له: قد حملت الصخر على عواتق الرجال. فقال له: إنما هو بيت أبنيه. فقال له أبو ذر مثل ذلك، فقال: يا أخي، لعلك وجدت على من ذلك؟ فقال: لو مررت بك وأنت في عذرة أهلك كان أحب إلى مما رأيتك فيه.
قال عبد اللَّه: حدثني أبي، حدثنا يزيد، أنبأنا همام، عن قتادة، عن سعيد بن أبي الحسن، عن عبد اللَّه بن الصامت قال: كنت مع أبي ذر رحمه اللَّه وقد خرج عطاؤه ومعه جارية له، فجعل يقضي حوائجه، قال: ففضل معه -قال: أحسبه قال: سبع، فأمرها أن تشتري بها فلوسًا، فقلت: يا أبا ذر، لو ادخرته لحاجة تنوبك، ولضيف يأتيك. فقال: إن خليلي -صلى اللَّه عليه وسلم - عهد إلى: "أَيُّما ذَهَبٍ أَوْ فِضَّةٍ أُوكِيَ عَلَيْهِ فَهُوَ جَمْرٌ عَلَى صاحِبِهِ يوم القيامة حَتَّى يُفْرِغَهُ إفراغًا في سَبِيلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ" (¬1).
قال عبد اللَّه: حدثني أبي، حدثنا يزيد، أنبأنا محمد بن عمرو، عن أبي بكر بن المنكدر قال: بعث حبيب بن أبي سلمة إلى أبي ذر وهو أمير الشام بثلاثمائة دينار، قال: استعن بها على حاجتك، فقال أبو ذر رحمه اللَّه: ارجع بها إليه، أما وجد أحدًا أغر باللَّه منا؟ ما لنا إلَّا ظل نتوارى به، وثلة من غنم
¬__________
(¬1) رواه الإمام أحمد 5/ 175 - 176، وابن سعد في "الطبقات" 4/ 229 والبزار 9/ 359 (3926) والطبراني 2/ 151 (1634). قال المنذري، كما في "صحيح الترغيب والترهيب" (929): رواه أحمد ورجاله رجال الصحيح.
وقال الهيثمي في "مجمع الزوائد" 15/ 245: رواه أحمد ورجاله رجال الصحيح. وقال البوصيري في "إتحاف الخيرة المهرة" 7/ 436 (7270): رواه أبو بكر بن أبي شيبة وأحمد بن حنبل بسند صحيح، وصححه الألباني في "صحيح الترغيب والترهيب" (929).